373
البضاعة المزجاة المجلد الأول

(ولا ظُلم منكم مسلم ولا مُعاهَد) بفتح الهاء ، أي من هو في عهد المسلمين وذمّتهم .
و«ظلم» على صيغة المجهول، وكونه معلوماً بعيد.
(ولكن سلكتم سبيل الظلّام ، فأظلمت عليكم دنياكم برُحْبها) .
الظلام: ذهاب النور، وأظلم أي دخل في الظلام. وقوله «دنياكم» فاعل «أظلمت».
الرُّحب ، بالضمّ: السعة. تقول منه: فلان رُحب الصدر، وبالفتح: الواسع. تقول منه: بلد رَحب، وأرض رَحَبة .
(وسُدّت عليكم أبواب العلم) .
المستتر في «سدّت» للدنيا، أو للسبيل؛ فإنّه يذكّر ويؤنّث. ويحتمل كونه على صيغة المجهول، والأبواب قائم مقام فاعله.
(إذا ذكر الأمر سألتم أهل الذكر) .
لعلّ المراد بالذكر التذكّر، والعلم بجميع ما يحتاج إليه الناس، وبما كان، وما سيكون، وما هو كائن.
وقيل: الذكر هو القرآن، أو النبيّ. والمراد بالأمر ما يتعلّق بالدين، أو الأعمّ منه. و«إذا» للشرط في الاستقبال، وقد يستعمل في المضيّ . ۱
(فإذا أفتوكم) ؛ يعني أهل الذكر .
قال الفيروزآبادي: «أفتاه في الأمر: أبانه له، والفُتوى، وتفتح : ما أفتى به الفقيه» . ۲
(قلتم: هو العلم بعينه) .
الضمير للمُفتى به. أي اعترفتم أنّ ما أفتاكم به أهل الذكر منوط بالعلم الواقعي.
(فكيف وقد تركتموه) . الواو للحال.
(ونبذتموه) أي طرحتموه.

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۷۸ .

2.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۷۳ (فتي) .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
372

واعلم أنّ في نسخ الكتاب هاهنا اختلافاً كثيراً؛ ففي بعضها: «نهجت بكم السبل لي وضحت لكم أو بسببكم»، أي كنتم هُداة للناس.
وفي بعضها: «انتهجت»، أي اتّضحت، وهذا قريب من الأوّل. وفي بعضها: «لابتهجت».
وفي بعضها: «ابتهجت»، وهما من البهجة بمعنى السرور، أي صارت سبل الحقّ مسرورة بكم راضية عنكم؛ لأنّكم سلكتموها حقّ سلوكها.
أو المراد ابتهاج أهلها، وحينئذ يراد بالسبل أركان الإسلام وقوانينه، وسبب سرورها ومباهاتها بهم، أنّها صارت حينئذ منصورة مروّجة عزيزة؛ لكثرة أهلها وأنصارها.
(وبدت لكم الأعلام) أي الآثار والأدلّة الداعية إلى دين اللّه. ولعلّ المراد بها الأئمّة عليهم السلام ، أو القوانين الشرعيّة التي عندهم.
(وأضاء لكم الإسلام) .
الإضاءة لازم متعدّ. والأوّل أنسب بهذا المقام.
(وأكلتم رغداً) .
نصبه على التميز، أو على الحال، ومفعول الأكل مقدّر، أو نزل منزلة اللازم؛ إذ المقصود بيان كيفيّة الأكل لا المأكول.
في القاموس: «عيشة رَغْد ، ويحرّك: واسعة طيّبة، والفعل كسمع وكرم . وقوم رَغَد، ونساء رَغَد محرّكتين». ۱
(وما عال فيكم عائل) .
عال يَعيل عَيلاً وعَيلة وعُيولاً: افتقر، فهو عائل. وعال الفرس يَعيل عَيلاً، إذا تكفَّأ في مِشيته وتمايل، وكذلك الرجل إذا تبختر في مِشيته وتمايل.
فإن اُريد هنا المعنى الثاني يكون المراد نفي تكبّر المسلمين بعضهم على بعض، وتطاولهم، وتبخترهم. ۲

1.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۲۹۵ (رغد) .

2.في الحاشية : «وذلك لنزول البركة وشمول الرحمة ، ولأنّ الإمام العادل يقسّم بيت المال والحقوق الماليّة الواجبة والمندوبة بينهم على السويّة ، ويعطي كلّ ما يحتاج إليه ، ولا يصنع ما صنع الخلفاء الثلاثة من إعطاء الفاسق والكافر والغني ومنع المؤمن والفقير ، وقد نقلوا أنّ فلان أعطى الحكم بن العاص طريد رسول اللّه صلى الله عليه و آله أصولاً خارجة عن الحساب ، وكان فقراء المدينة وغيرهم محتاجين إلى قوت ليله . صالح». شرح المازندراني ، ج ۱۱ ، ص ۲۷۷ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 110472
صفحه از 630
پرینت  ارسال به