377
البضاعة المزجاة المجلد الأول

والظاهر أنّ المراد بالصدق ولايته عليه السلام . وفي بعض النسخ: «وتُنبؤوا» على البناء للمفعول، من النبأ وهو الخبر، ولعلّ معناه: تُخبَروا بالصدق وتذعنوا به.
(فكان) ذلك الأوْل والإنابة، أو ضرب السيف لتحصيلها (أرتق للفَتق) .
الفَتق: الشقّ، والرَّتق ضدّه. وقيل: أراد بالفتق هنا شقّ عصا المسلمين، ووقوع المنازعة بينهم في أمر الدين وفي أحكامه المبتنية على العلم واليقين. ۱
(وآخذ بالرفق) أي وكان الأخذ بالرفق واللطف للناس أكثر. والأخذ: التناول. والرفق: ضدّ الخرق، وهو اللين والتلطّف، وترك العنف والعجلة.
ووجه التفريع ظاهر؛ فإنّ الإمام إذا كان عادلاً معصوماً، وله أعوان وأنصار يزجرون من خالفه حتّى يؤولوا إلى الحقّ، ويذعنوا بالصدق، لم يقع بينهم شقاق في الدين، ولا منازعة في شيء من أحكامه، ولا جور وعنف وخشونة على أحد، بخلاف ما إذا كان ظالماً جاهلاً؛ فإنّ الظلم والجهل منشأ للفتق ولواحقه من المفاسد ما لا يحصى.
(ثمّ خرج من المسجد فمرّ بِصيرة) بكسر الصاد وسكون الياء المثنّاة التحتانيّة، وهي حظيرة تتّخذ للدوابّ من الحجارة، وأغصان الشجرة، والجمع «صِير» بسكون الياء، و«صِيَر» بفتحها.
(فيها نحو من ثلاثين شاة ، فقال: واللّه لو أنّ لي رجالاً ينصحون للّه ولرسوله بعدد هذه الشياه) أي تكون جميع حركاتهم وسكناتهم للّه وللرسول، وموافقة لقوانين الشريعة، ولا يكون لهم تعلّق بالدنيا وحياتها .
وقوله عليه السلام : «لأزلتُ ابن آكلة الذِّبّان عن مُلكه) .
الذبّان ـ بالكسر وتشديد الباء الموحّدة ـ جمع الذُّباب بالضمّ، وهو معروف.
وفي بعض النسخ: «الذِّياب» بلفظ المفرد، والمراد به أبوبكر، واسم اُمّه سَلمى بنت صخر بن عامر، وكنيتها اُمّ الخير.
ولعلّ ابن آكلة الذبّان إشارة إلى واقعة اشتهر بها هو، أو اُمّه، أو هو كناية عن دناءة أصله، ورداءة نسبه وحسبه، أو يكون تلقيبه بهذا اللقب للتنفير.
وقيل: لأنّ العرب في مقام ذمّ رجل ينسبونه إلى اُمّه، خصوصاً إذا اشتهرت بلقب خبيث.

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۸۰ .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
376

(أما واللّه لو كان لي عدّة أصحاب طالوت) أي الذين لم يشربوا الماء أصلاً، أو اغترفوا غرفة ، وحضروا القتال جالوت. ۱
والمشهور أنّهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، وهو مرويّ عن الصادق عليه السلام ۲ ، فحينئذٍ كلمة «أو» في قوله: (أو عدّة أهل البدر) ۳ بمعنى الواو، وللتفسير.
وقيل: ثلاثة آلاف. وقيل: ألف . ۴
وعدّة أهل بدر على المشهور ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً. وزاد بعضهم أربعة، وبعضهم اثنين.
وقيل: روى نصر بن مزاحم فى كتاب الصفّين أنّه عليه السلام كان يقول: «لو وجدت أربعين ذوي عزم». ۵
والعدّة، بالكسر: الجماعة، وبالضمّ: الاستعداد والاُهبة. والإضافة في الموضعين على الأوّل بيانيّة، وعلى الثاني لاميّة.
(وهم أعداؤكم) مستعطشون بدمائكم كأصحاب بدر وأصحاب طالوت بالنسبة إلى خصمائهم.
والواو للحال. وفي بعض النسخ: «وهم أعدادكم». فلعلّ عدد الحاضرين وقت الخطاب، مثل عدد أصحاب طالوت أو أهل بدر.
وقيل: كأنّه إشارة إلى أنّ مثلهم في العدد موجود فيكم؛ ليكون تحريصاً لهم في الاجتماع إليه. ۶
(لضربتكم بالسيف حتّى تئولوا) أي ترجعوا من الباطل (إلى الحقّ) وتثبتوا فيه.
(وتنيبوا للصدق) .
يقال: ناب إلى اللّه، أي أقبل وتاب.

1.إشارة إلى الآيات (۲۴۷ إلى ۲۵۱) من سورة البقرة (۲) .

2.راجع : تفسير البرهان ، ج ۱ ، ص ۲۳۵ ـ ۲۳۶ ، ح ۴ ـ ۶ .

3.في كلتا الطبعتين والمتن الذي نقله الشارح رحمه الله سابقا : «بدر» بدون الألف واللام .

4.راجع : شرح المازندراني ، ج ۱۱ ، ص ۲۸۰ .

5.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۸۰ . وقال المحقّق الفيض رحمه الله في الوافي ، ج ۲۶ ، ص ۴۰: «أعداد ، جمع عَديد ، وهو الندّ» .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 110447
صفحه از 630
پرینت  ارسال به