379
البضاعة المزجاة المجلد الأول

تعالى لعلمه بما هم فيه من العقائد الباطلة والأعمال الفاسدة، وإعراضهم عن متابعة الوليّ الحقّ، ثمّ الاستعصام به تعالى، والالتجاء إليه من مثل هذه البليّة العظيمة الصادرة من النفوس الشريرة.
وقال الجوهري: «توفّاه اللّه، أي قبض روحه». ۱
(أما والبيت والمُفضي إلى البيت) . في بعض النسخ: «المفضي» بدون الواو.
(وفي نسخة: «والمُزدَلَفة») ؛ أي وربّ المشعر الحرام. (والخِفاف إلى التجمير) .
الواو في قوله: «والبيت» للقسم. وقيل: المقسم به محذوف، أي وبالبيت، يعني الكعبة . ۲ قال الجوهري:
الفضاء : الساحة ، وما اتّسع من الأرض، يقال: أفضيت، إذا خرجت إلى الفضاء، وأفضيت إلى فلان: سرّي ، وأفضى بيده إلى الأرض، إذا مسّها بباطن راحته في سجوده . انتهى . ۳
قيل: يحتمل أن يكون المراد القسم بمن يدخل الفضاء ـ أي الصحراء ـ متوجّهاً إلى البيت، أي الحاجّ والمعتمر، أو من يفضي أسراره إلى البيت ـ أي إلى ربّه ـ ويدعو اللّه عند البيت، أو من يفضي الناس إلى البيت، ويوصلهم إليه، وهو اللّه تعالى ، أو على صيغة المفعول، أي الحاجّ الواصلين إلى البيت، أو على بناء الفاعل أيضاً من الإفضاء بمعنى مسّ الأرض بالراحة أي المسلمين بأحجار البيت، أو من يفضي إلى الأرض بالسجود في أطراف الأرض متوجّها إلى البيت.
وفي النهاية: «لا يفضي اللّه فاك . ومعناه أن لا يجعله فضاء لا سنّ فيه، والفضاء: الخالي الفارغ الواسع من الأرض» . ۴
فيحتمل أن يكون من جعل أربعة جوانب فضاء غير معمور إلى البيت ليشقّ على الناس قطعها ، فيكثر ثوابهم، وهو اللّه تعالى. ۵
والتجمير: رمي الجمار. والخفاف إمّا جمع الخُفّ، وهو خُفّ الإنسان؛ إذ خفّ البعير

1.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۵۲۶ (وفي) .

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۸۲ .

3.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۴۵۵ (فضا) مع التلخيص .

4.النهاية ، ج ۳ ، ص ۴۵۶ (فضا) .

5.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۷۷ .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
378

وقال بعض القاصرين: «المراد بابن آكلة الذبّان معاوية؛ فإنّهم كانوا أكلوا في الجاهليّة من كلّ خبيث نالوه». ۱
وأنت خبير بأنّ هذا بمعزل عن التحقيق، بل فرية بلا مرية.
(فلمّا أمسى بايعه ثلاثمائة وستّون رجلاً على الموت) .
قيل : أي على أن لا يضرّوا عند القتال وإن قتلوا . ۲
وقوله: «على الموت» أي على أنّهم التزموا الموت في نصرته عليه السلام .
(فقال أمير المؤمنين عليه السلام : اُغدوا بنا إلى أحجار الزَّيت) .
يقال: غَدا يغدوا غُدوّاً، إذا بكّر . وأحجار الزيت : اسم موضع بالمدينة. كذا في القاموس . ۳
(مُحلِّقين) . قيل: أي لابسين للحلقة ، وهي بسكون اللام: السلاح مطلقاً.
وقيل: هي الدُّروع خاصّة. ويحتمل أن يراد بالتحليق إزالة شعر الرأس ، وكأنّه أمرهم به ليكون شعارا لهم ، وليخبرهم بالطاعة والامتثال لأمره ۴ . انتهى.
قال الجوهري: «الحَلقة، بالتسكين: الدروع، والحلق مصدر قولك: حلق رأسه، وحلّقوا رؤوسهم : شدّد للكثرة» . ۵
(وحلق أمير المؤمنين عليه السلام ، فما وافى) أي لم يأت.
(من القوم مُحلِّقاً إلّا أبوذرّ والمقداد وحُذيفة اليَمان وعمّار بن ياسر) والباقون تركوا التحليق، أو لم يحضروا أصلاً.
(وجاء سَلمانُ في آخر القوم) .
لعلّ تأخيره لعذر، أو لمصلحة، ولم يعلم أنّه كان محلّقاً أم لا؟
(اللّهمّ فإنّك تعلم ما نُخفي) إلى قوله: (وألحقني بالصالحين) .
قيل: كان الفاء فصيحة، أي إن فعلوا ذلك؛ فإنّك تعلم، والغرض منه بسط الشكوى إليه

1.قاله المحقّق الفيض رحمه الله في الوافي ، ج ۲۶ ، ص ۴۰ .

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۸۱ .

3.راجع : القاموس ، ج ۲ ، ص ۵ (حجر) .

4.القائل هو المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۸۱ .

5.الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۴۶۳ و۱۴۶۴ (حلق) مع التلخيص .

تعداد بازدید : 110084
صفحه از 630
پرینت  ارسال به