387
البضاعة المزجاة المجلد الأول

أقول: الظاهر أنّ الغرض في ذلك نفي الحكم عن غير الشيعة مطلقاً؛ فإنّ ما اعتبره السائل يوهم الاختصاص ببعض الأغيار.
(قال: قلت: جعلت فداك، وإنّا قد نُبزنا نَبْزا) على صيغة المجهول من النَّبز، وهو الهَمز، ومصدر نبزه يَنبُز: لقّبه، كنبّزه. والنَّبَز، بالتحريك: اللقب.
وقيل: قد كثر استعماله فيما كان ذمّاً، ومنه قوله تعالى: «وَلَا تَنَابَزُوا بِالْألْقَابِ» . ۱
(انكسرت له ظهورنا، وماتت له أفئدتنا، واستحلّت له) أي لأجله (الولاة) أي حكّام أهل الجور (دماءنا) .
قال الجوهري: «استحلّ الشيء، أي عدّه حلالاً». ۲
(في حديث رواه لهم فقهاؤهم) أي ذلك الاستحلال لأجل حديث رووه.
(قال: فقال أبو عبد اللّه عليه السلام : الرافضة؟ قال: قلت: نعم) .
«الرافضة» خبر مبتدأ محذوف. وفي القاموس: «رفضه: تركه، والروافض : كلّ جند تركوا قائدهم، والرافضة: فرقة منه، وفرقة من الشيعة بايعوا زيد بن علي ، ثمّ تركوه ورفضوه». ۳
وإنّما قال أبو بصير ذلك لشدّة قبح هذا اللقب ، لا لشكّه في دينه.
فدفع عليه السلام زعمه بقوله: (واللّه، ما هم سمّوكم) إلى قوله: (ثمّ ذخر اللّه ـ عزّ وجلّ ـ لكم هذا الاسم حتّى نحلكموه، يا أبا محمّد إنّهم ۴ رفضوا الخير، ورفضتم الشرّ).
وحاصله أنّه عليه السلام بشّره وحسّن هذا اللقب له ولمن كان على دينه، ثمّ أفاد أنّ هذا اللقب عامّ يصدق على الموافق والمخالف؛ أمّا الموافق فلرفضه الباطل، وأمّا المخالف فلرفضه الحقّ، فهو ممدوح للأوّل، ومذموم للثاني.
قال الفيروزآبادي: «ذخره ـ كمنعه ـ ذُخراً، بالضمّ، واذّخره اختاره، أو اتّخذه». ۵
وقال: «النحل ـ بالضمّ ـ مصدر نحله: أعطاه. أنحله ماء : أعطاه، ومالاً : خصّه بشيء منه، كنحله فيهما» . ۶

1.الحجرات (۴۹) : ۱۱ . والقائل هو المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۸۴ .

2.الصحاح ، ج ۴ ، ص۱۶۷۵ (حلل) .

3.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۳۳۲ (رفض) .

4.في المتن الذي نقله الشارح رحمه الله سابقا : ـ «إنّهم» .

5.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۳۴ (ذخر) .

6.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۵۵ (نحل) .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
386

شابّ، وكذلك الشبّان» . ۱
وقال البيضاوي:
الحياء: انقباض النفس عن القبيح مخافة الذمّ، وإذا وصف به الباري كما جاء في الحديث: «إنّ اللّه يستحي من ذي الشيبة المسلم أن يعذّبه» ۲ ؛ فإنّ المراد الترك اللازم للانقباض، كما أنّ المراد من رحمته وغضبه إصابة المعروف والمكروه اللازمين لمعنييهما . ۳
وفي القاموس: «الكهل: من وخطه الشيب ورأيت له بجالة ، أو من جاوز الثلاثين، أو أربعا وثلاثين إلى إحدي وخمسين، الجمع: كهول». ۴ انتهى .
وقيل: الكَهل من الرجل: من زاد على ثلاثين سنة إلى الأربعين. وقيل: من ثلاث وثلاثين إلى تمام الخمسين.
وقيل: لما لم يكن في كرمه تعالى نقص، لزم من عدم تعذيب الشباب عدم حسابهم ؛ لئلّا يخجلوا، ومن عدم حساب الكهول عدم تعذيبهم، بل عدم حساب الشيوخ وتعذيبهم بالطريق الأولى، فإذا تدخل الشيعة كلّهم بلا تعذيب ولا حساب في الجنّة. ۵
(قال: قلت: جعلت فداك، هذا لنا خاصّة) .
في نسخة: «هذان»، أي عدم التعذيب، وعدم المحاسبة.
(أم لأهل التوحيد)؛ يعني ما ذكر مختصّ بالشيعة، أم يكون للمسلمين عموماً؟
(قال: فقال: لا، واللّه إلّا لكم خاصّة) أي لا يكون هذا واللّه، أو لا ليس واللّه هذا إلّا لكم خاصّة.
(دون العالم) بفتح اللام ، أي أهل العالم.
وقيل: إنّما لم يقل: دون أهل التوحيد، كما قال أبو بصير؛ للتنبيه على أنّ غير الشيعة ليسوا من أهل التوحيد، بل هم مشركون. ۶

1.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۱۵۱ (شبب) .

2.راجع : الفتح السماوي ، ج ۱ ، ص ۱۵۱ ، ح ۴۴ ؛ تفسير أبي السعود ، ج ۱ ، ص ۷۱ .

3.تفسير البيضاوي ، ج ۱ ، ص ۲۵۵ (مع التلخيص واختلاف يسير) .

4.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۴۷ (كهل) .

5.القائل هو المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۸۴ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 109923
صفحه از 630
پرینت  ارسال به