أقول: الظاهر أنّ الغرض في ذلك نفي الحكم عن غير الشيعة مطلقاً؛ فإنّ ما اعتبره السائل يوهم الاختصاص ببعض الأغيار.
(قال: قلت: جعلت فداك، وإنّا قد نُبزنا نَبْزا) على صيغة المجهول من النَّبز، وهو الهَمز، ومصدر نبزه يَنبُز: لقّبه، كنبّزه. والنَّبَز، بالتحريك: اللقب.
وقيل: قد كثر استعماله فيما كان ذمّاً، ومنه قوله تعالى: «وَلَا تَنَابَزُوا بِالْألْقَابِ» . ۱
(انكسرت له ظهورنا، وماتت له أفئدتنا، واستحلّت له) أي لأجله (الولاة) أي حكّام أهل الجور (دماءنا) .
قال الجوهري: «استحلّ الشيء، أي عدّه حلالاً». ۲
(في حديث رواه لهم فقهاؤهم) أي ذلك الاستحلال لأجل حديث رووه.
(قال: فقال أبو عبد اللّه عليه السلام : الرافضة؟ قال: قلت: نعم) .
«الرافضة» خبر مبتدأ محذوف. وفي القاموس: «رفضه: تركه، والروافض : كلّ جند تركوا قائدهم، والرافضة: فرقة منه، وفرقة من الشيعة بايعوا زيد بن علي ، ثمّ تركوه ورفضوه». ۳
وإنّما قال أبو بصير ذلك لشدّة قبح هذا اللقب ، لا لشكّه في دينه.
فدفع عليه السلام زعمه بقوله: (واللّه، ما هم سمّوكم) إلى قوله: (ثمّ ذخر اللّه ـ عزّ وجلّ ـ لكم هذا الاسم حتّى نحلكموه، يا أبا محمّد إنّهم ۴ رفضوا الخير، ورفضتم الشرّ).
وحاصله أنّه عليه السلام بشّره وحسّن هذا اللقب له ولمن كان على دينه، ثمّ أفاد أنّ هذا اللقب عامّ يصدق على الموافق والمخالف؛ أمّا الموافق فلرفضه الباطل، وأمّا المخالف فلرفضه الحقّ، فهو ممدوح للأوّل، ومذموم للثاني.
قال الفيروزآبادي: «ذخره ـ كمنعه ـ ذُخراً، بالضمّ، واذّخره اختاره، أو اتّخذه». ۵
وقال: «النحل ـ بالضمّ ـ مصدر نحله: أعطاه. أنحله ماء : أعطاه، ومالاً : خصّه بشيء منه، كنحله فيهما» . ۶
1.الحجرات (۴۹) : ۱۱ . والقائل هو المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۸۴ .
2.الصحاح ، ج ۴ ، ص۱۶۷۵ (حلل) .
3.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۳۳۲ (رفض) .
4.في المتن الذي نقله الشارح رحمه الله سابقا : ـ «إنّهم» .
5.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۳۴ (ذخر) .
6.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۵۵ (نحل) .