وقيل: الباء يدلّ على أنّ تسبيحهم بالحمد له، كما تقول: يعظّمونه بالحمد له.
«وَيُؤْمِنُونَ بِهِ» .
قيل: أخبر عنهم بالإيمان؛ إظهاراً لفضله، وتعظيماً لأهله، ومساق الآية لذلك كما صرّح به بقوله: «وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا»۱ ، وإشعاراً بأنّ حملة الفرش وسكّان العرش في معرفته سواء ردّا على المجسّمة، واستغفارهم شفاعتهم، وحملهم على التوبة، وإلهامهم ما يوجب المغفرة.
وفيه تنبيه على أنّ المشاركة في الإيمان توجب النُّصح والشفقة، وإن تخالفت الأجناس؛ لأنّها أقوى المناسبات، كما قال: «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ»۲ . ۳
وقوله عليه السلام : (لقد ذكركم اللّه في كتابه) يحتمل كونه من الذكر والتذكير.
قال الفيروزآبادي: «الذكر، بالكسر: الحفظ للشيء، والشيء يجري على اللسان ، والصيت ، والثناء ، والشرف، وأذكره إيّاه، وذكره» . ۴
(فقال) في سورة الأحزاب : «مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللّهَ عَلَيْهِ» .
قال البيضاوي:
الموصول عبارة عن الثبات مع الرسول، والمقاتلة لإعلاء الدين، من صدقني، إذا قال لك الصدق؛ فإنّ المعاهد إذا وفى بعهده صدق فيه .
«فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ» : نذره ؛ بأن قاتل حتّى استشهد، كحمزه، ومصعب بن عمير، وأنس بن النضر. والنَّحب: النذر، استعيرت للموت؛ لأنّه كنذر لازم في رقبة كلّ حيوان.
«وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ» الشهادة «وَما بَدَّلُوا» العهد، ولا غيّروه «تَبْدِيلاً» شيئاً من التبديل. انتهى. ۵
قال الجزري:
في حديث طلحة: «ممّن قضى نحبه» ۶ . النحب: النذر، كأنّه ألزم نفسه أن يصدق أعداء
1.قاله البيضاوي في تفسيره ، ج ۵ ، ص ۸۴ .
2.غافر (۴۰) : ۷ . وفي الحاشية : «إشارة إلى إسقاط الملائكة ذنوب الشيعة، ووجه دلالة الآية أنّ استغفار الملائكة لهم غير مردود ، بل هو سبب له ، ووجود السبب دليل على وجود المسبّب. صالح». شرح المازندراني ، ج ۱۱ ، ص ۲۸۵ .
3.الحجرات (۴۹) : ۱۰ .
4.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۳۵ (ذكر) .
5.تفسير البيضاوي ، ج ۴ ، ص ۳۷۰ .
6.لاحظ الخبر في : سنن ابن ماجة ، ج ۱ ، ص ۴۶ ، ح ۱۲۶ ؛ سنن الترمذي ، ج ۵ ، ص ۲۹ ؛ المستدرك للحاكم ، ج ۲ ، ص۴۱۶ .