389
البضاعة المزجاة المجلد الأول

وقيل: الباء يدلّ على أنّ تسبيحهم بالحمد له، كما تقول: يعظّمونه بالحمد له.
«وَيُؤْمِنُونَ بِهِ» .
قيل: أخبر عنهم بالإيمان؛ إظهاراً لفضله، وتعظيماً لأهله، ومساق الآية لذلك كما صرّح به بقوله: «وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا»۱ ، وإشعاراً بأنّ حملة الفرش وسكّان العرش في معرفته سواء ردّا على المجسّمة، واستغفارهم شفاعتهم، وحملهم على التوبة، وإلهامهم ما يوجب المغفرة.
وفيه تنبيه على أنّ المشاركة في الإيمان توجب النُّصح والشفقة، وإن تخالفت الأجناس؛ لأنّها أقوى المناسبات، كما قال: «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ»۲ . ۳
وقوله عليه السلام : (لقد ذكركم اللّه في كتابه) يحتمل كونه من الذكر والتذكير.
قال الفيروزآبادي: «الذكر، بالكسر: الحفظ للشيء، والشيء يجري على اللسان ، والصيت ، والثناء ، والشرف، وأذكره إيّاه، وذكره» . ۴
(فقال) في سورة الأحزاب : «مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللّهَ عَلَيْهِ» .
قال البيضاوي:
الموصول عبارة عن الثبات مع الرسول، والمقاتلة لإعلاء الدين، من صدقني، إذا قال لك الصدق؛ فإنّ المعاهد إذا وفى بعهده صدق فيه .
«فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ» : نذره ؛ بأن قاتل حتّى استشهد، كحمزه، ومصعب بن عمير، وأنس بن النضر. والنَّحب: النذر، استعيرت للموت؛ لأنّه كنذر لازم في رقبة كلّ حيوان.
«وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ» الشهادة «وَما بَدَّلُوا» العهد، ولا غيّروه «تَبْدِيلاً» شيئاً من التبديل. انتهى. ۵
قال الجزري:
في حديث طلحة: «ممّن قضى نحبه» ۶ . النحب: النذر، كأنّه ألزم نفسه أن يصدق أعداء

1.قاله البيضاوي في تفسيره ، ج ۵ ، ص ۸۴ .

2.غافر (۴۰) : ۷ . وفي الحاشية : «إشارة إلى إسقاط الملائكة ذنوب الشيعة، ووجه دلالة الآية أنّ استغفار الملائكة لهم غير مردود ، بل هو سبب له ، ووجود السبب دليل على وجود المسبّب. صالح». شرح المازندراني ، ج ۱۱ ، ص ۲۸۵ .

3.الحجرات (۴۹) : ۱۰ .

4.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۳۵ (ذكر) .

5.تفسير البيضاوي ، ج ۴ ، ص ۳۷۰ .

6.لاحظ الخبر في : سنن ابن ماجة ، ج ۱ ، ص ۴۶ ، ح ۱۲۶ ؛ سنن الترمذي ، ج ۵ ، ص ۲۹ ؛ المستدرك للحاكم ، ج ۲ ، ص۴۱۶ .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
388

(افترق الناس كلّ فرقة، وتشعّبوا كلّ شُعبة) .
قال الجوهري: «الفُرقة ـ بالضمّ ـ الاسم من فارقته مفارقة وفِراقاً. والفرقة: طائفة من الناس». ۱
وقال الفيروزآبادي: «التشعّب: التفرّق، والشعبة، بالضمّ: الفُرقة» . ۲ تقول: شَعَبَتهم المنية ، أي فرّقتهم، والشعبة: الطائفة من الشيء .
ولعلّ المراد بكلّ فرقة وكلّ شعبة غاية كثرتهم في التفرّق وكثرتهم ۳ في التشعّب.
وقيل: المراد بها فرقة كثيرة وشعبة كثيرة، وذلك لأنّ الباطل طرق كثيرة، فذهبت إلى كلّ طريق طائفة . ۴
(فانشعبتم مع أهل بيت نبيّكم صلى الله عليه و آله ) أي صرتم معهم شعبة واحدة.
(وذهبتم حيث ذهبوا) في النظريّات والعمليّات، واستندتم بأمرهم وقولهم، لا بالرأي والتغنّي والقياس.
وقوله: (فأبشروا ثمّ أبشروا) .
يقال: أبشر، على بناء المعلوم، أي سُرّ بالبشارة.
(وذلك قوله عزّ وجلّ) في سورة المؤمن.
و«ذلك» إشارة إلى قوله: «إنّ للّه ملائكة» إلخ.
«الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ» أي حاملي العرش والحافّين حوله، وهم الكرّوبيون ـ بتخفيف الياء ـ سادة الملائكة.
قيل: الكرّوبيون : أعلى طبقات الملائكة، وأوّلهم وجوداً، وحملهم العرش وحفيفهم حوله مجاز عن حفظهم وتدبيرهم له، أو كناية عن قربهم من ذي العرش ومكانتهم عنده، وتوسّطهم في نفاذ أمره. ۵«يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ» أي يذكرون اللّه بمجامع الثناء من صفات الجلال والإكرام.
وقيل: أي يسبّحون اللّه ويحمدونه.

1.الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۵۴۱ (فرق) .

2.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۸۸ (شعب) .

3.كذا قرأناه .

4.قاله المحقّق المازندراني رحمه اللهفي شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۸۵ .

5.قاله البيضاوي في تفسيره ، ج ۵ ، ص ۸۴ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 109904
صفحه از 630
پرینت  ارسال به