وقد ظهر من تفسيره عليه السلام في الآية السابقة أنّ المراد بالعهد أخذ الميثاق بالولاية.
«وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ»۱ .
أي الكاملين في الفسق بترك الولاية، و«وجدنا» بمعنى علمنا؛ لتعديته إلى المفعولين، ودخول «إن» المخفّفة واللام الفارقة ، وذلك لا يسوغ إلّا في المبتدأ والخبر والأفعال الداخلة عليهما، وعند الكوفيّين «إن» للنفي، واللام بمعنى إلّا .
وقوله: (فقال: يا أبا محمّد، لقد ذكركم اللّه في كتابه) في سورة الحجر، فقال: «إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ* اُدْخُلُوهَا بِسَلاَ مٍ آمِنِينَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ» . ۲
قال البيضاوي:
«إخواناً» حال من ضمير «في جنّات»، أو فاعل «اُدخلوها»، أو الضمير في «آمنين» ، أو الضمير المضاف إليه، والعامل فيها معنى الإضافة، وكذا قوله: «عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ» ، ويجوز أن يكونا صفتين لإخواناً، أو حال من ضميره؛ لأنّه بمعنى متصافين ، وأن يكون متقابلين حالاً من المستتر على سرر . ۳
(واللّه ما أراد بهذا غيركم) .
الظاهر أنّ «هذا» إشارة إلى «إخواناً». ويحتمل أن يكون إشارة إلى المتّقين، والمآل واحد.
(فقال: يا أبا محمّد، «الْأَ خِلاّءُ» ) أي الأحبّاء، جمع خليل، وهو الصديق المختصّ، أو الصادق، أو من أصفى المودّة وأصحّها .
(يَوْمَئِذٍ) . جمهور المفسّرين على أنّه يوم القيامة، وقال بعضهم: في الدنيا.
«بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ» أي يتعادون يومئذ؛ لانقطاع علاقة الخلّة لظهور ما كانوا يتخالّون له سبباً للعذاب.
«إِلاَّ الْمُتَّقِينَ»۴ ؛ فإنّ خلّتهم لما كانت في اللّه، تبقى نافعة أبداً.
قال بعض المفسّرين: «المراد بالمتّقين هنا المؤمنون». وقال بعضهم: «الذين يتّقون المعاصي». ۵