393
البضاعة المزجاة المجلد الأول

قيل: الضمير لمولى الأوّل باعتبار المعنى؛ لأنّه عامّ، أي ليس لهم من ينصرهم من عذاب اللّه بالشفاعة. ۱
وقيل: لا ينصرهم الذين كانوا يعبدونهم من دون اللّه. ۲«إِلّا مَنْ رَحِمَ اللّهُ»۳ بالعفو عنه في قبول الشفاعة فيه. ومحلّه الرفع على البدل على الواو، والنصب على الاستثناء.
ويحتمل أن يكون الاستثناء متّصلاً، أي إلّا المؤمنون؛ فإنّه يشفع بعضهم لبعض بإذن اللّه، أو منقطعاً أي لكن من رحمه اللّه فإنّه مغفور له .
(يعنى بذلك) أي بمن رحم اللّه (عليّاً عليه السلام وشيعته).
وقوله: (لقد ذكركم اللّه في كتابه إذ يقول) في سورة الزمر: «قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ» .
قال البيضاوي: «أي أفرطوا في الجناية عليها بالإسراف في المعاصي. وإضافة العباد تخصّصه بالمؤمنين على ما هو عرف القرآن». ۴«لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ» أي لا تيأسوا من مغفرته.
«إِنَّ اللّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً» .
قيل: يغفرها بالعفو عنها جميعها إلّا الشرك. وقيل: يغفرها بالتوبة منها. وقيل: يغفر الصغائر باجتناب الكبائر . ۵
وقال البيضاوي:
أي يغفرها عفواً، ولو بعد تعذيب وتقييد بالتوبة خلاف الظاهر ، ويدلّ على إطلاقه فيما عدا الشرك قوله: «إِنَّ اللّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ»۶ الآية.
والتعليل بقوله: «إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» . ۷
وقال: على المبالغة وإفادة الحصر ، والوعد بالرحمة بعد المغفرة، وتقديم ما يستدعي عموم المغفرة ممّا في «عِبَادِي» من الدلالة على الذلّة والاختصاص المقتضيين

1.قاله البيضاوي في تفسيره ، ج ۵ ، ص ۱۶۳ .

2.راجع : التبيان للطوسي ، ج ۶ ، ص ۴۱۶ .

3.الدخان (۴۴) : ۴۲ .

4.تفسير البيضاوي ، ج ۵ ، ص ۷۱ .

5.راجع : تفسير القرطبي ، ج ۵ ، ص ۱۵۸ ؛ تفسير الآلوسي ، ج ۲۷ ، ص ۶۳ .

6.النساء (۴) : ۴۸ و۱۱۶ .

7.الزمر (۳۹) : ۵۳ .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
392

وقال عليه السلام : (واللّه ما أراد بهذا غيركم) أي بالمتّقين، والإفراد باعتبار اللفظ.
(فقال عزّ وجلّ) في سورة الزمر: «أَمْ مَنْ هوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْاخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ» .
قال البيضاوي:
نفي لاستواء الفريقين باعتبار القوّة العلميّة بعد نفيه باعتبار القوّة العمليّة على وجه أبلغ لمزيد فضل العلم. وقيل: تقرير الأوّل على سبيل التشبيه، أي كما لا يستوي العالمون والجاهلون لا يستوي القانتون والعاصون. ۱«إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَ لْبابِ»۲ بأمثال هذه البيانات أنّهما ليسا سواء ؛ فإنّ قيمة كلّ امرء ما يحسنه. وقال الزجّاج: «أي كما لا يستوي العالم والجاهل لا يستوي المطيع والعاصي، ففسّر القانت بالمطيع».
وقيل: الذين يعلمون هم المؤمنون الموقنون، والذين لا يعلمون الكافرون المرتابون.
وقيل: الذين يعلمون ما لهم وعليهم، والذين لا يعلمون ذلك. ۳
وقال عليه السلام : (فنحن الذين يعلمون، وعدوّنا الذين لا يعلمون، وشيعتنا هم اُولوا الألباب).
وقوله: (فقال في كتابه وقوله الحقّ) ؛ قال ـ عزّ وجلّ ـ في سورة الدخان: «إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ * يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً» . ۴
أي لا يدفع ولا يمنع وليّ عن وليّ، ولا والد عن ولده، ولا مولود عن والده. وقيل: قرابة عن قرابة. وقيل: ابن العمّ عن ابن العمّ، كما يمنع في الدنيا شيئاً من الإغناء. ۵
وقال البيضاوي: « «يَوْمَ لا يُغْنِي» بدل من «يَوْمَ الْفَصْلِ» ، أو صفة ل «ميقاتهم» ، أو ظرف لما دلّ عليه الفصل». ۶«وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ» .

1.تفسير البيضاوي ، ج ۵ ، ص ۶۰ .

2.الزمر (۳۹) : ۹ .

3.راجع في الأقوال : معاني القرآن للنحّاس ، ج ۶ ، ص ۱۵۹ و۱۶۰ ؛ تفسير النسفي ، ج ۴ ، ص ۴۹ ؛ تفسير الثعلبي ، ج ۸ ، ص۳۴۲ ؛ تفسير السمعاني ، ج ۱ ، ص ۲۵۶ .

4.الدخان (۴۴) : ۴۰ و۴۱ .

5.راجع : جامع البيان للطبري ، ج ۲۵ ، ص ۱۶۷ ؛ تفسير الثعلبي ، ج ۸ ، ص ۳۵۵ ؛ زاد المسير ، ج ۷ . ص ۱۱۸ ؛ تفسير القرطبي ، ج ۱۶ ، ص ۱۴۸ .

6.تفسير البيضاوي، ج ۵ ، ص ۱۶۳ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 93433
صفحه از 630
پرینت  ارسال به