395
البضاعة المزجاة المجلد الأول

على الأشياء، وأخبروا عنها على ما هي عليها؛ ثمّ الشهداء الذين أدّى بهم الحرص على الطاعة، والجدّ في إظهار الحقّ، حتّى بذلوا مهجهم في إعلاء كلمة اللّه تعالى؛ ثمّ الصالحون الذين صرفوا أعمارهم في طاعته، وأموالهم في مرضاته.
«وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً»۱ في معنى التعجّب.
و«رفيقاً» نصب على التميز، أو الحال، ولم يجمع؛ لأنّه يقال للواحد والجمع، كالصدّيق، أو لأنّه اُريد: وحسن كلّ واحد منهم رفيقاً. ۲
(فرسول اللّه صلى الله عليه و آله في الآية النبيّين) ۳ ، والجمع للتعظيم، أو المراد أنّه صلى الله عليه و آله من جملة النبيّين، أو لأنّ التصديق به تصديق بالجميع.
(ونحن في هذا الموضع الصدّيقون والشهداء) .
الصدّيق، كسكّيت: كثير الصدق. وقيل: دائم التصديق، ويكون الذي يُصدّق قولَه بالعمل.
والشهداء: جمع شهيد، وهو الشاهد، أو القتيل في سبيل اللّه، وهم عليهم السلام صدّيقون في أقوالهم وأفعالهم ووفائهم بالعهود، ومصدّقون للأنبياء وبما جاؤوا به، وهم شهداء اللّه على عباده في بلاده، وشهداء بأيدي الأعداء.
(وأنتم الصالحون، فتسمّوا بالصلاح كما سمّاكم اللّه عزّ وجلّ) أي كونوا من أهل الصلاح، وانتسبوا إليه.
قال الجوهري: «سمّيت فلاناً زيداً، وسمّيته بزيد بمعنى، فتسمّى». ۴
وفي القاموس: «فتسمّى بكذا، وبالقوم، وإليهم: انتسب» . ۵
(قوله تعالى: «وَقالُوا» ) .
قال بعض المفسّرين: «ضمير الجمع راجع إلى الطاغين» . ۶«ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَ شْرارِ»۷ يعنون فقراء المسلمين الذين يسترذلونهم في الدنيا، ويسخرون بهم كصهيب وبلال وعمّار.

1.النساء (۴) : ۶۹ .

2.تفسير البيضاوي ، ج ۲ ، ص ۲۱۳ ـ ۲۱۵ (مع التلخيص واختلاف يسير) .

3.في المتن الذي نقله الشارح رحمه الله سابقا : «النبيّون» .

4.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۳۸۳ (سمو) .

5.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۴۴ (سمو) .

6.قاله البيضاوي في تفسيره ، ج ۵ ، ص ۵۲ .

7.ص (۳۸) : ۶۲ .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
394

للترحّم واختصاص ضرر الإسراف بأنفسهم، والنهي عن القنوط عن الرحمة فضلاً عن المغفرة وإطلاقها، وتعليله: «إِنَّ اللّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً» ، ووضع اسم «اللّه» موضع الضمير ؛ لدلالته على أنّه المستغني والمنعم على الإطلاق، والتأكيد بالجميع. انتهى. ۱
وفسّر عليه السلام العباد الموعودين بالمغفرة، فقال: (واللّه ما أراد بهذا غيركم).
وقوله: (لقد ذكركم اللّه في كتابه فقال) في سورة الحجر، خطاباً لإبليس: «إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ» . ۲
قال البيضاوي:
هو تصديق لإبليس فيما استثناه، أو تكذيب له فيما أوهم أنّ له سلطاناً على من ليس بمخلص من عباده؛ فإنّ منتهى تزيينه التحريض والتدليس، كما قال: «وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي»۳ . ۴
وقال عليه السلام : (واللّه ما أراد بهذا)؛ أي بالعباد الذين نفى عنهم سلطان الشيطان.
(إلاّ الأئمّة عليهم السلام وشيعتهم) .
قيل: نفى سلطانه عن الشيعة بمعنى أنّه لا يمكنه أن يخرجهم من دينهم الحقّ، أو يمكنهم دفعه بالاستعاذة والتوسّل به تعالى . ۵
وقوله: (لقد ذكركم اللّه في كتابه، فقال) في سورة النساء: «وَمَنْ يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ» .
قال البيضاوي :
هو مزيد ترغيب في الطاعة بالوعد عليها مرافقة أكرم الخلائق، وأعظمهم قدراً.
«مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصّالِحِينَ» بيان للذين ، أو حال منه ، أو من ضميره، قسّمهم أربعة أقسام بحسب منازلهم في العلم والعمل، وحثّ كافّة الناس عن أن لا يتأخّروا عنهم، وهم الأنبياء الفائزون بكمال العلم والعمل، المتجاوزون حدّ الكمال إلى درجة التكميل؛ ثمّ الصدّيقون الذين صعدت نفوسهم تارة بمراقي النظر في الحجج والآيات، واُخرى بمعارج التصفية والرياضات إلى أوج العرفان، حتّى اطّلعوا

1.تفسير البيضاوي ، ج ۵ ، ص ۷۱ و۷۲ (مع اختلاف يسير) .

2.الحجر (۱۵) : ۴۲ ؛ الإسراء (۱۷) : ۶۵ .

3.إبراهيم (۱۴) : ۲۲ .

4.تفسير البيضاوي ، ج ۳ ، ص ۳۷۲ .

5.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۸۱ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 93423
صفحه از 630
پرینت  ارسال به