399
البضاعة المزجاة المجلد الأول

وَرَأَيْتَ الْخُمُورَ تُشْرَبُ عَلَانِيَةً ، وَيَجْتَمِعُ عَلَيْهَا مَنْ لَا يَخَافُ اللّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَرَأَيْتَ الآْمِرَ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِيلاً، وَرَأَيْتَ الْفَاسِقَ فِيمَا لَا يُحِبُّ اللّهُ قَوِيّاً مَحْمُوداً، وَرَأَيْتَ أَصْحَابَ الْايَاتِ يُحَقَّرُونَ ۱ وَيُحْتَقَرُ مَنْ يُحِبُّهُمْ، وَرَأَيْتَ سَبِيلَ الْخَيْرِ مُنْقَطِعاً، وَسَبِيلَ الشَّرِّ مَسْلُوكاً .
وَرَأَيْتَ بَيْتَ اللّهِ قَدْ عُطِّلَ وَيُؤْمَرُ بِتَرْكِهِ، وَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَقُولُ مَا لَا يَفْعَلُهُ، وَرَأَيْتَ الرِّجَالَ يَتَسَمَّنُونَ لِلرِّجَالِ، وَالنِّسَاءَ لِلنِّسَاءِ.
وَرَأَيْتَ الرَّجُلَ مَعِيشَتُهُ مِنْ دُبُرِهِ، وَمَعِيشَةُ الْمَرْأَةِ مِنْ فَرْجِهَا، وَرَأَيْتَ النِّسَاءَ يَتَّخِذْنَ الْمَجَالِسَ كَمَا يَتَّخِذُهَا الرِّجَالُ، وَرَأَيْتَ التَّأْنِيثَ فِي وُلْدِ الْعَبَّاسِ قَدْ ظَهَرَ، وَأَظْهَرُوا الْخِضَابَ، وَامْتَشَطُوا كَمَا تَمْتَشِطُ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا، وَأَعْطَوُا الرِّجَالَ الْأَ مْوَالَ عَلى فُرُوجِهِمْ، وَتُنُوفِسَ فِي الرَّجُلِ، وَتَغَايَرَ عَلَيْهِ الرِّجَالُ، وَكَانَ صَاحِبُ الْمَالِ أَعَزَّ مِنَ الْمُؤْمِنِ .
وَكَانَ الرِّبَا ظَاهِراً لَا يُعَيَّرُ، وَكَانَ الزِّنَا تُمْتَدَحُ بِهِ النِّسَاءُ، وَرَأَيْتَ الْمَرْأَةَ تُصَانِعُ زَوْجَهَا عَلى نِكَاحِ الرِّجَالِ، وَرَأَيْتَ أَكْثَرَ النَّاسِ وَخَيْرَ بَيْتٍ مَنْ يُسَاعِدُ النِّسَاءَ عَلى فِسْقِهِنَّ، وَرَأَيْتَ الْمُؤْمِنَ مَحْزُوناً مُحْتَقَراً ذَلِيلاً، وَرَأَيْتَ الْبِدَعَ وَالزِّنَا قَدْ ظَهَرَ، وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَعْتَدُّونَ ۲ شَهَادَةَ ۳ الزُّورِ، وَرَأَيْتَ الْحَرَامَ يُحَلَّلُ، وَرَأَيْتَ الْحَلَالَ يُحَرَّمُ.
وَرَأَيْتَ الدِّينَ بِالرَّأْيِ، وَعُطِّلَ الْكِتَابُ وَأَحْكَامُهُ، وَرَأَيْتَ اللَّيْلَ لَا يُسْتَخْفى بِهِ مِنَ الْجُرْأَةِ عَلَى اللّهِ، وَرَأَيْتَ الْمُؤْمِنَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنْكِرَ إِلَا بِقَلْبِهِ، وَرَأَيْتَ الْعَظِيمَ مِنَ الْمَالِ يُنْفَقُ فِي سَخَطِ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَرَأَيْتَ الْوُلَاةَ يُقَرِّبُونَ أَهْلَ الْكُفْرِ، وَيُبَاعِدُونَ أَهْلَ الْخَيْرِ، وَرَأَيْتَ الْوُلَاةَ يَرْتَشُونَ فِي الْحُكْمِ، وَرَأَيْتَ الْوِلَايَةَ قَبَالَةً لِمَنْ زَادَ، ۴
وَرَأَيْتَ ذَوَاتِ الْأَ رْحَامِ يُنْكَحْنَ وَيُكْتَفى بِهِنَّ، وَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يُقْتَلُ عَلَى التُّهَمَةِ وَعَلَى الظِّنَّةِ، وَيَتَغَايَرُ عَلَى الرَّجُلِ الذَّكَرِ، فَيَبْذُلُ لَهُ نَفْسَهُ وَمَالَهُ .
وَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يُعَيَّرُ عَلى إِتْيَانِ النِّسَاءِ، وَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَأْكُلُ مِنْ كَسْبِ امْرَأَتِهِ مِنَ الْفُجُورِ ، يَعْلَمُ ذلِكَ وَيُقِيمُ عَلَيْهِ.
وَرَأَيْتَ الْمَرْأَةَ تَقْهَرُ زَوْجَهَا، وَتَعْمَلُ مَا لَا يَشْتَهِي، وَتُنْفِقُ عَلى زَوْجِهَا، وَرَأَيْتَ الرَّجُلَ

1.في الحاشية عن بعض النسخ والطبعة القديمة : «يحتقرون» .

2.في الحاشية عن بعض النسخ: «يعتمدون ـ يقتدون». وفي الوافي : «يشهدون» .

3.هكذا في النسخة وشرح المازندراني . وفي كلتا الطبعتين وجميع النسخ التي قوبلت فيهما : «بشاهد» .

4.في الحاشية عن بعض النسخ: «أراد».


البضاعة المزجاة المجلد الأول
398

الْاخَرُ يَعْمَلُ بِالْجَوْرِ، وَيَقْتُلُ أَوْلَادَ الْأَ نْبِيَاءِ، وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ فِي الْأَ رْضِ بِمَا لَا يُحِبُّ اللّهُ، وَهُوَ فِي مَوْكِبِهِ وَأَنْتَ عَلى حِمَارٍ، فَدَخَلَنِي مِنْ ذلِكَ شَكٌّ، حَتّى خِفْتُ عَلى دِينِي وَنَفْسِي».
قَالَ: «فَقُلْتُ: لَوْ رَأَيْتَ مَنْ كَانَ حَوْلِي وَبَيْنَ يَدَيَّ، وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ، لَاحْتَقَرْتَهُ، وَاحْتَقَرْتَ مَا هُوَ فِيهِ.
فَقَالَ: الآْنَ سَكَنَ قَلْبِي، ثُمَّ قَالَ: إِلى مَتى هؤُلَاءِ يَمْلِكُونَ؟ أَوْ مَتَى الرَّاحَةُ مِنْهُمْ؟
فَقُلْتُ: أَ لَيْسَ تَعْلَمُ أَنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ مُدَّةً؟
قَالَ: بَلى ، فَقُلْتُ: هَلْ يَنْفَعُكَ عِلْمُكَ أَنَّ هذَا الْأَ مْرَ إِذَا جَاءَ كَانَ أَسْرَعَ مِنْ طَرْفَةِ الْعَيْنِ، إِنَّكَ لَوْ تَعْلَمُ حَالَهُمْ عِنْدَ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكَيْفَ هِيَ كُنْتَ لَهُمْ أَشَدَّ بُغْضاً، وَلَوْ جَهَدْتَ أَوْ جَهَدَ أَهْلُ الْأَ رْضِ أَنْ يُدْخِلُوهُمْ فِي أَشَدِّ مَا ۱ هُمْ فِيهِ مِنَ الْاءِثْمِ، لَمْ يَقْدِرُوا، فَلَا يَسْتَفِزَّنَّكَ الشَّيْطَانُ؛ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلّهِ «وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ»۲ .
أَ لَا تَعْلَمُ أَنَّ مَنِ انْتَظَرَ أَمْرَنَا، وَصَبَرَ عَلى مَا يَرى مِنَ الْأَ ذى وَالْخَوْفِ هُوَ غَداً فِي زُمْرَتِنَا، فَإِذَا رَأَيْتَ الْحَقَّ قَدْ مَاتَ وَذَهَبَ أَهْلُهُ، وَرَأَيْتَ الْجَوْرَ قَدْ شَمِلَ الْبِلَادَ، وَرَأَيْتَ الْقُرْآنَ قَدْ خَلُقَ وَأُحْدِثَ فِيهِ مَا لَيْسَ فِيهِ، وَوُجِّهَ عَلَى الْأَ هْوَاءِ، وَرَأَيْتَ الدِّينَ قَدِ انْكَفَأَ كَمَا يَنْكَفِئُ الْمَاءُ، وَرَأَيْتَ أَهْلَ الْبَاطِلِ قَدِ اسْتَعْلَوْا عَلى أَهْلِ الْحَقِّ، وَرَأَيْتَ الشَّرَّ ظَاهِراً لَا يُنْهى عَنْهُ وَيُعْذَرُ أَصْحَابُهُ، وَرَأَيْتَ الْفِسْقَ قَدْ ظَهَرَ، وَاكْتَفَى الرِّجَالُ بِالرِّجَالِ، وَالنِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ.
وَرَأَيْتَ الْمُؤْمِنَ صَامِتاً لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَرَأَيْتَ الْفَاسِقَ يَكْذِبُ وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ كَذِبُهُ وَفِرْيَتُهُ، وَرَأَيْتَ الصَّغِيرَ يَسْتَحْقِرُ ۳ الْكَبِيرَ ، وَرَأَيْتَ الْأَ رْحَامَ قَدْ تَقَطَّعَتْ، وَرَأَيْتَ مَنْ يَمْتَدِحُ بِالْفِسْقِ يَضْحَكُ مِنْهُ، وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ.
وَرَأَيْتَ الْغُلَامَ يُعْطِي مَا تُعْطِي الْمَرْأَةُ، وَرَأَيْتَ النِّسَاءَ يَتَزَوَّجْنَ النِّسَاءَ، وَرَأَيْتَ الثَّنَاءَ قَدْ كَثُرَ، وَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يُنْفِقُ الْمَالَ فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللّهِ فَلَا يُنْهى وَلَا يُؤْخَذُ عَلى يَدَيْهِ .
وَرَأَيْتَ النَّاظِرَ يَتَعَوَّذُ بِاللّهِ مِمَّا يَرَى الْمُؤْمِنَ فِيهِ مِنَ ا لأْتِهَادِ، وَرَأَيْتَ الْجَارَ يُؤْذِي جَارَهُ وَلَيْسَ لَهُ مَانِعٌ، وَرَأَيْتَ الْكَافِرَ فَرِحاً لِمَا يَرى فِي الْمُؤْمِنِ مَرِحاً لِمَا يَرى فِي الْأَ رْضِ مِنَ الْفَسَادِ.

1.في الطبعة الجديدة ومعظم النسخ التي قوبلت فيها : «ممّا» .

2.المنافقون (۶۳) : ۸ .

3.في الحاشية عن بعض النسخ : «يحقّر» .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 109547
صفحه از 630
پرینت  ارسال به