401
البضاعة المزجاة المجلد الأول

الْقَبِيحِ أَحَدٌ، وَرَأَيْتَ الْمَعَازِفَ ظَاهِرَةً فِي الْحَرَمَيْنِ، وَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَتَكَلَّمُ بِشَيْءٍ مِنَ الْحَقِّ، وَيَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهى عَنِ الْمُنْكَرِ فَيَقُومُ إِلَيْهِ مَنْ يَنْصَحُهُ فِي نَفْسِهِ، فَيَقُولُ: هذَا عَنْكَ مَوْضُوعٌ.
وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ، وَيَقْتَدُونَ بِأَهْلِ الشُّرُورِ، وَرَأَيْتَ مَسْلَكَ الْخَيْرِ وَطَرِيقَهُ خَالِياً لَا يَسْلُكُهُ أَحَدٌ، وَرَأَيْتَ الْمَيِّتَ يُهْزَأُ بِهِ فَلَا يَفْزَعُ لَهُ أَحَدٌ، وَرَأَيْتَ كُلَّ عَامٍ يَحْدُثُ فِيهِ مِنَ الشَّرِّ وَالْبِدْعَةِ أَكْثَرُ مِمَّا كَانَ، وَرَأَيْتَ الْخَلْقَ وَالْمَجَالِسَ لَا يُتَابِعُونَ إِلَا الْأَ غْنِيَاءَ، وَرَأَيْتَ الْمُحْتَاجَ يُعْطى عَلَى الضَّحِك بِهِ وَيُرْحَمُ لِغَيْرِ وَجْهِ اللّهِ، وَرَأَيْتَ الْايَاتِ فِي السَّمَاءِ لَا يَفْزَعُ لَهَا أَحَدٌ، وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَتَسَافَدُونَ كَمَا يَتَسَافَدُ الْبَهَائِمُ، لَا يُنْكِرُ أَحَدٌ مُنْكَراً تَخَوُّفاً مِنَ النَّاسِ .
وَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يُنْفِقُ الْكَثِيرَ فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللّهِ، وَيَمْنَعُ الْيَسِيرَ فِي طَاعَةِ اللّهِ، وَرَأَيْتَ الْعُقُوقَ قَدْ ظَهَرَ، وَاسْتُخِفَّ بِالْوَالِدَيْنِ، وَكَانَا مِنْ أسْوَءِ النَّاسِ حَالاً عِنْدَ الْوَلَدِ، وَيَفْرَحُ بِأَنْ يَفْتَرِيَ عَلَيْهِمَا، وَرَأَيْتَ النِّسَاءَ وَقَدْ غَلَبْنَ عَلَى الْمُلْكِ، وَغَلَبْنَ عَلى كُلِّ أَمْرٍ، لَا يُؤْتى إِلَا مَا لَهُنَّ فِيهِ هَوًى.
وَرَأَيْتَ ابْنَ الرَّجُلِ يَفْتَرِي عَلى أَبِيهِ، وَيَدْعُو عَلى وَالِدَيْهِ، وَيَفْرَحُ بِمَوْتِهِمَا، وَرَأَيْتَ الرَّجُلَ إِذَا مَرَّ بِهِ يَوْمٌ وَلَمْ يَكْسِبْ ۱ فِيهِ الذَّنْبَ الْعَظِيمَ مِنْ فُجُورٍ أَوْ بَخْسِ مِكْيَالٍ أَوْ مِيزَانٍ أَوْ غِشْيَانِ حَرَامٍ أَوْ شُرْبِ مُسْكِرٍ كَئِيباً حَزِيناً، يَحْسَبُ أَنَّ ذلِكَ الْيَوْمَ عَلَيْهِ وَضِيعَةٌ مِنْ عُمُرِهِ .
وَ ۲ رَأَيْتَ السُّلْطَانَ يَحْتَكِرُ الطَّعَامَ، وَرَأَيْتَ أَمْوَالَ ذَوِي الْقُرْبى تُقْسَمُ فِي الزُّورِ، وَيُتَقَامَرُ بِهَا، وَتُشْرَبُ بِهَا الْخُمُورُ، وَرَأَيْتَ الْخَمْرَ يُتَدَاوى بِهَا، وَتُوصَفُ لِلْمَرِيضِ وَيُسْتَشْفى بِهَا، وَرَأَيْتَ النَّاسَ قَدِ اسْتَوَوْا فِي تَرْكِ الْأَ مْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَتَرْكِ التَّدَيُّنِ بِهِ، وَرَأَيْتَ رِيَاحَ الْمُنَافِقِينَ وَأَهْلِ النِّفَاقِ قَائِمَةً، وَرِيَاحَ أَهْلِ الْحَقِّ لَا تَحَرَّكُ؟
وَرَأَيْتَ الْأَ ذَانَ بِالْأَ جْرِ، وَالصَّلَاةَ بِالْأَ جْرِ، وَرَأَيْتَ الْمَسَاجِدَ مُحْتَشِيَةً مِمَّنْ لَا يَخَافُ اللّهَ، مُجْتَمِعُونَ فِيهَا لِلْغِيبَةِ وَأَكْلِ لُحُومِ أَهْلِ الْحَقِّ، وَيَتَوَاصَفُونَ فِيهَا شَرَابَ الْمُسْكِرِ.
وَرَأَيْتَ السَّكْرَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَهُوَ لَا يَعْقِلُ، وَلَا يُشَانُ بِالسُّكْرِ، وَإِذَا سَكِرَ أُكْرِمَ وَاتُّقِيَ وَخِيفَ، وَتُرِكَ لَا يُعَاقَبُ وَيُعْذَرُ بِسُكْرِهِ.
وَرَأَيْتَ مَنْ أَكَلَ أَمْوَالَ الْيَتَامى يُحَدَّثُ ۳ بِصَلَاحِهِ، وَرَأَيْتَ الْقُضَاةَ يَقْضُونَ بِخِلَافِ مَا أَمَرَ اللّهُ،

1.في الحاشية عن بعض النسخ: «يكتسب».

2.في النسخة : + «إذا» مرمّز ب «خ».

3.في كلتا الطبعتين : «يُحمد» .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
400

يُكْرِي امْرَأَتَهُ وَجَارِيَتَهُ، وَيَرْضى بِالدَّنِيِّ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَرَأَيْتَ الْأَ يْمَانَ بِاللّهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ كَثِيرَةً عَلَى الزُّورِ، وَرَأَيْتَ الْقِمَارَ قَدْ ظَهَرَ، وَرَأَيْتَ الشَّرَابَ يُبَاعُ ظَاهِراً لَيْسَ لَهُ مَانِعٌ، وَرَأَيْتَ النِّسَاءَ يَبْذُلْنَ أَنْفُسَهُنَّ لأهْلِ الْكُفْرِ، وَرَأَيْتَ الْمَلَاهِيَ قَدْ ظَهَرَتْ يُمَرُّ بِهَا لَا يَمْنَعُهَا أَحَدٌ أَحَداً، وَلَا يَجْتَرِئُ أَحَدٌ عَلى مَنْعِهَا.
وَرَأَيْتَ الشَّرِيفَ يَسْتَذِلُّهُ الَّذِي يُخَافُ سُلْطَانُهُ، وَرَأَيْتَ أَقْرَبَ النَّاسِ مِنَ الْوُلَاةِ مَنْ يَمْتَدِحُ بِشَتْمِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ، وَرَأَيْتَ مَنْ يُحِبُّنَا يُزَوَّرُ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَرَأَيْتَ الزُّورَ مِنَ الْقَوْلِ يُتَنَافَسُ فِيهِ.
وَرَأَيْتَ الْقُرْآنَ قَدْ ثَقُلَ عَلَى النَّاسِ اسْتِمَاعُهُ، وَخَفَّ عَلَى النَّاسِ اسْتِمَاعُ الْبَاطِلِ، وَرَأَيْتَ الْجَارَ يُكْرِمُ الْجَارَ خَوْفاً مِنْ لِسَانِهِ، وَرَأَيْتَ الْحُدُودَ قَدْ عُطِّلَتْ وَعُمِلَ فِيهَا بِالْأَ هْوَاءِ، وَرَأَيْتَ الْمَسَاجِدَ قَدْ زُخْرِفَتْ، وَرَأَيْتَ أَصْدَقَ النَّاسِ عِنْدَ النَّاسِ الْمُفْتَرِيَ الْكَذِبَ.
وَرَأَيْتَ الشَّرَّ قَدْ ظَهَرَ، وَالسَّعْيَ بِالنَّمِيمَةِ، وَرَأَيْتَ الْبَغْيَ قَدْ فَشَا، وَرَأَيْتَ الْغِيبَةَ تُسْتَمْلَحُ، وَيُبَشِّرُ بِهَا النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، وَرَأَيْتَ طَلَبَ الْحَجِّ وَالْجِهَادِ لِغَيْرِ اللّهِ، وَرَأَيْتَ السُّلْطَانَ يُذِلُّ لِلْكَافِرِ الْمُؤْمِنَ، وَرَأَيْتَ الْخَرَابَ قَدْ أُدِيلَ مِنَ الْعُمْرَانِ، وَرَأَيْتَ الرَّجُلَ مَعِيشَتُهُ مِنْ بَخْسِ الْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ، وَرَأَيْتَ سَفْكَ الدِّمَاءِ يُسْتَخَفُّ بِهَا، وَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَطْلُبُ الرِّئَاسَةَ بِغَرَضِ ۱ الدُّنْيَا، وَيَشْهَرُ نَفْسَهُ بِخُبْثِ اللِّسَانِ لِيُتَّقى، وَتُسْنَدَ إِلَيْهِ الْأُمُورُ.
وَرَأَيْتَ الصَّلَاةَ قَدِ اسْتُخِفَّ بِهَا، وَرَأَيْتَ الرَّجُلَ عِنْدَهُ الْمَالُ الْكَثِيرُ لَمْ يُزَكِّهِ مُنْذُ مَلَكَهُ، وَرَأَيْتَ الْمَيِّتَ يُنْشَرُ ۲ مِنْ قَبْرِهِ وَيُؤْذى وَتُبَاعُ أَكْفَانُهُ.
وَرَأَيْتَ الْهَرْجَ قَدْ كَثُرَ، وَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يُمْسِي نَشْوَانَ وَيُصْبِحُ سَكْرَانَ، لَا يَهْتَمُّ بِمَا النَّاسُ فِيهِ، وَرَأَيْتَ الْبَهَائِمَ تُنْكَحُ، وَرَأَيْتَ الْبَهَائِمَ يَفْرِسُ بَعْضُهَا بَعْضاً، وَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَخْرُجُ إِلى مُصَلاَّهُ وَيَرْجِعُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ثِيَابِهِ، وَرَأَيْتَ قُلُوبَ النَّاسِ قَدْ قَسَتْ وَجَمَدَتْ أَعْيُنُهُمْ، وَثَقُلَ الذِّكْرُ عَلَيْهِمْ.
وَرَأَيْتَ السُّحْتَ قَدْ ظَهَرَ يُتَنَافَسُ فِيهِ، وَرَأَيْتَ الْمُصَلِّيَ إِنَّمَا يُصَلِّي لِيَرَاهُ النَّاسُ، وَرَأَيْتَ الْفَقِيهَ يَتَفَقَّهُ لِغَيْرِ الدِّينِ يَطْلُبُ الدُّنْيَا وَالرِّئَاسَةَ، وَرَأَيْتَ النَّاسَ مَعَ مَنْ غَلَبَ، وَرَأَيْتَ طَالِبَ الْحَلَالِ يُذَمُّ وَيُعَيَّرُ، وَطَالِبَ الْحَرَامِ يُمْدَحُ وَيُعَظَّمُ.
وَرَأَيْتَ الْحَرَمَيْنِ يُعْمَلُ فِيهِمَا بِمَا لَا يُحِبُّ اللّهُ، لَا يَمْنَعُهُمْ مَانِعٌ، وَلَا يَحُولُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْعَمَلِ

1.في الحاشية عن بعض النسخ : «لغرض» . وفي كلتا الطبعتين : «لعرض» .

2.في الحاشية عن بعض النسخ والطبعة القديمة : «يُنبش» .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 108524
صفحه از 630
پرینت  ارسال به