405
البضاعة المزجاة المجلد الأول

(حتّى تصيبوا منّا دماً حراماً في شهرٍ حرام في بلدٍ حرام) .
وحينئذٍ تستحقّون زوال ملككم . والإصابة: الإتيان، والوُجدان، والاحتياج، والوصول .
وقيل : لعلّ المراد دم رجل من أولاد الأئمّة عليهم السلام سفكوها عند انقضاء دولتهم .
قال :
ويحتمل أن يكون مراده عليه السلام هذا الملعون خاصّة ودولته ، والمراد بسفك الدم القتل، ولو بالسمّ مجازاً . والبلد الحرام: مدينة الرسول صلى الله عليه و آله ؛ فإنّ هذا الملعون سمّه ـ على ما روي ـ في رجب سنة ثمان وأربعين ومائة. ۱
وقيل: في شوّال من تلك السنة، ولم يبقَ بعده إلّا قليلاً .
وقال بعض الأفاضل : كأنّه إشارة إلى المقتولين بفخّ في ذي الحجّة الحرام، وفخّ من الحرم بين تنعيم ومكّة . ۲
وقال الفاضل الإسترآبادي : «يمكن أن يكون المراد ما فعله هارون، قَتلَ في ليلةٍ واحدة كثيراً من السادات» . ۳
قيل : ونظير ما نحن فيه من طرق العامّة عن الحسن بن عليّ عليهماالسلام، قال : «إنّ هؤلاء أخافوني، وهم قاتلي، فإذا فعلوا ذلك سلّط اللّه عليهم مَنْ يقتلهم، حتّى يكونوا أذلّ من فَرم الأمَة» ۴ يعني خرقة الحيض . وما يجيء عن أبي عبداللّه عليه السلام : «إنّ اللّه ـ عزّ ذكره ـ أذِن في هلاك بني اُميّة بعد إحراقهم زيداً بسبعة أيّام ». ۵
ويفهم من جميع ذلك أنّه لا يلزم أن يكون الزوال بعد فعلهم ذلك بلا فصل. ۶
(فعرفت أنّه قد حفظ الحديث) فيكفّ من إصابة دمائنا خوفاً من زوال ملكه .
(فقلت : لعلّ اللّه ـ عزّ وجلّ ـ أنّه يَكفيك) من تلك الإصابة .
(فإنّي لم أخصّك بهذا) أي بزوال الملك، مع إصابة الدماء .

1.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۸۳ .

2.راجع : شرح المازندراني ، ج ۱۱ ، ص ۲۹۱ .

3.نقل عنه المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۹۱ .

4.لم نعثر على الخبر في موضع .

5.الكافي ، ج ۸ ، ص ۱۶۱ ، ح ۱۶۵ ؛ تفسير العيّاشي ، ص ۳۲۶ ، ح ۱۳۳ . وعنه في بحار الأنوار ، ج ۴۶ ، ص ۱۹۱ ، ح ۵۶ .

6.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۹۱ .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
404

وقيل: عدم الإضرار بعدم الحلف مع طلب الطاغي إنّما هو بلطف اللّه وحفظه وصرف قلبه عنه . ۱
(قال : فقلت : إنّ الناس سَحَرة ) .
قال الجزري : «فيه: أنّ من البيان لسحراً. أي منه ما يصرف قلوب السامعين، وإن كان غير حقّ. والسِّحر في كلامهم: صرف الشيء عن وجهه » ۲ انتهى .
وقد يُعرَّف السِحر بأنّه ما لطف مأخذه وخفي، وقد يطلق على المكر والحيلة والخديعة . ۳
وفي بعض النسخ: «إنّ الناس شجرة بَغْي»، أي ظلمٍ وفساد.
وقيل: شبّههم بالشجرة وبغيهم بالثمرة، فكما أنّ الثمرة تتولّد من الشجرة، كذلك البغي والفساد يتولّد منهم . ۴
وقوله : (فلا تمكّنهم من سمعك ) أي لا تصغ إلى قولهم فيما ذكر .
وقوله : (فإنّا إليك أحوج منك إلينا ) تعليل للنهي .
ولعلّ المراد الاحتياج إليه في اُمور الدنيا، وقد وجّه الأحوجيّة بأنّ احتياجه عليه السلام إليه في حفظ دمه ودم شيعته، ورعاية حقوقهم، وترك الجور عليهم ، وهذا أمرٌ متحقّق ثابت .
وأمّا احتياجه إليه عليه السلام فقد كان في الاُمور الدينيّة ، وقد أفسد الدين ولوازمه، فكأنّه لم يكن محتاجاً إليه .
وقوله : (فقلت : نعم طويل) أي بحسب المدّة والزمان .
(عريض ) بحسب الأماكن والبلدان .
(شديد ) بحسب الشوكة والسلطان .
(ولا تزالون في مُهلةٍ من أمركم ، وفُسحةٍ من دنياكم ) .
المُهلة ـ بالضمّ ـ الاسم من الإمهال، وهو الإنظار . والفسحة، بالضمّ: السعة . ۵

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۹۰ .

2.النهاية ، ج ۲ ، ص ۳۴۶ (سحر) مع التلخيص .

3.هذا ، وقال المحقّق الفيض رحمه الله في الوافي ، ج ۲۶ ، ص ۴۵۷ : «كلّ من هذه المعاني مناسب ؛ لما فسّر به من إفساد القلب» .

4.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۹۰ و۲۹۱ .

5.قال المازندراني رحمه الله : «المراد بها السعة في الأموال والبلاد» .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 113091
صفحه از 630
پرینت  ارسال به