في السؤال عنهما . ۱
(إنّ هذا الأمر إذا جاء كان أسرع من طَرْفَةِ العين) .
«إنَّ» بكسر الهمزة على سبيل الاستئناف . والمراد بهذا الأمر حصول الراحة بظهور المهدي عليه السلام ، أو زوال ملكهم .
ووجه كونه أسرع أنّه لا مانع من إرادته تعالى ، فإذا أراد شيئاً كان كما أراد بلا تراخي زمان ولا مُهلة .
قال الجوهري : «طَرَف بَصَرَهُ يَطرِف طرفاً، إذا أطبق أَحَد جَفْنَيْهِ على الآخر، الواحدة من ذلك : طَرْفة . يُقال : أسرع من طَرْفَةِ عَيْنٍ ». ۲
ثمّ إنّه عليه السلام صرف الكلام إلى ذمّ هؤلاء المخالفين؛ للتنفير عنهم، وإزالة شكّ المرتاب ۳ بالكلّيّة، فقال : (إنّك لو تعلم حالهم عند اللّه عزّ وجلّ، وكيف هي كنت لهم أشدّ بُغضاً) وعداوةً، وذلك لأنّ كلّ ما لهم من الزخارف الفانية الدالّة ظاهراً على حسن حالهم عند من لا بصيرة له بحقائق الأشياء، فهي لهم وبال ونكال وحيّات وعقارب عند أهل البصيرة ، بل عند عامّة الخلائق إذا ظهرت في النشأة الآخرة بما لها من الصور الواقعيّة .
وقوله : (ولو جهدت) إلى قوله : (لم يقدروا) إشارة إلى أنّهم في الإضرار على أنفسهم، وتعريضاً لغضب الربّ وعقوبة الأبد في مرتبة ، لا يقدر عدوٌّ أن يوصله إلى عدوّه، ولو اجتهد في ذلك ولم يبقِ من جهده شيئاً .
وفيه أيضاً تسلية للمخاطب، وحمله على الرضا بالقضاء، وعدم التزلزل ممّا رأى من ظاهر أحوالهم، كما أشار إليه بقوله : (فلا يستفزّنّك الشيطان) .
في القاموس: «استفزّه: استخفّه، وأخرجه من داره، وأزْعَجه» . ۴
وفي بعض النسخ: «فلا يغرّنّك» .
(فإنّ العزّة للّه «وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ» أي الغَلَبة، والقوّة للّه تعالى، ولمَن أعزّه من رسوله والمؤمنون .
1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۹۲ .
2.الصحاح ، ج ۴ . ص ۱۳۹۵ (طرف) .
3.كذا قرأناه .
4.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۱۸۶ (فزز) .