407
البضاعة المزجاة المجلد الأول

في السؤال عنهما . ۱
(إنّ هذا الأمر إذا جاء كان أسرع من طَرْفَةِ العين) .
«إنَّ» بكسر الهمزة على سبيل الاستئناف . والمراد بهذا الأمر حصول الراحة بظهور المهدي عليه السلام ، أو زوال ملكهم .
ووجه كونه أسرع أنّه لا مانع من إرادته تعالى ، فإذا أراد شيئاً كان كما أراد بلا تراخي زمان ولا مُهلة .
قال الجوهري : «طَرَف بَصَرَهُ يَطرِف طرفاً، إذا أطبق أَحَد جَفْنَيْهِ على الآخر، الواحدة من ذلك : طَرْفة . يُقال : أسرع من طَرْفَةِ عَيْنٍ ». ۲
ثمّ إنّه عليه السلام صرف الكلام إلى ذمّ هؤلاء المخالفين؛ للتنفير عنهم، وإزالة شكّ المرتاب ۳ بالكلّيّة، فقال : (إنّك لو تعلم حالهم عند اللّه عزّ وجلّ، وكيف هي كنت لهم أشدّ بُغضاً) وعداوةً، وذلك لأنّ كلّ ما لهم من الزخارف الفانية الدالّة ظاهراً على حسن حالهم عند من لا بصيرة له بحقائق الأشياء، فهي لهم وبال ونكال وحيّات وعقارب عند أهل البصيرة ، بل عند عامّة الخلائق إذا ظهرت في النشأة الآخرة بما لها من الصور الواقعيّة .
وقوله : (ولو جهدت) إلى قوله : (لم يقدروا) إشارة إلى أنّهم في الإضرار على أنفسهم، وتعريضاً لغضب الربّ وعقوبة الأبد في مرتبة ، لا يقدر عدوٌّ أن يوصله إلى عدوّه، ولو اجتهد في ذلك ولم يبقِ من جهده شيئاً .
وفيه أيضاً تسلية للمخاطب، وحمله على الرضا بالقضاء، وعدم التزلزل ممّا رأى من ظاهر أحوالهم، كما أشار إليه بقوله : (فلا يستفزّنّك الشيطان) .
في القاموس: «استفزّه: استخفّه، وأخرجه من داره، وأزْعَجه» . ۴
وفي بعض النسخ: «فلا يغرّنّك» .
(فإنّ العزّة للّه «وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ» أي الغَلَبة، والقوّة للّه تعالى، ولمَن أعزّه من رسوله والمؤمنون .

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۹۲ .

2.الصحاح ، ج ۴ . ص ۱۳۹۵ (طرف) .

3.كذا قرأناه .

4.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۱۸۶ (فزز) .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
406

(وإنّما هو حديث رويته) عن آبائي .
قيل: فيه تبعيد لنفسه عن العلم بالغيب خوفاً منه . ۱
(ثمّ لعلّ غيرك من أهل بيتك أن يتولّى ذلك) .
يعني أمر الخلافة، أو إصابة الدماء، ويجري فيه حكم اللّه تعالى بالتغيّر والزوال .
وقوله : (فدخلني من ذلك شكّ) في قسم اللّه تعالى وعدله ؛ لزعمه أنّ تمكين الفاسق الجائر الدنيّ، ومنع العادل الشريف لا يليق بعدله تعالى وحكمته، أو الشكّ في أمر الولاية بأنّ المذلّة تنافيها ، ومنشأ ذلك الشكّ وسوسة الشيطان والجهل بالحكمة .
(حتّى خفت على ديني ونفسي) .
قيل : يعني خفت على ديني بالارتداد والزوال، وعلى نفسي بالعقوبة والنكال . ۲
(قال : [فقلت:] لو رأيت) ؛ كأنّ فيه التفات .
وفي بعض النسخ: «قال : فقلت : لو رأيت»، وهو الظاهر .
(من كان حَولي) إلى قوله : (واحتقرت ما هو فيه) .
قيل : لمّا كان منشأ شكّه وتخيّل الجور في القسمة، أو تخيّل الذلّ له عليه السلام ، أشار إلى دفعه، وبيّن أنّ ما أعطاه اللّه خيرٌ ممّا أعطى المنصور . ۳
ولعلّ الترديد في قوله : (أو متى الراحة منهم) من الراوي .
وقيل : يحتمل الجمع بأن يكون الأوّل سؤالاً عن عدّة ملكهم، والثاني عن نهايته ، أو عن بداية ظهور الصاحب عليه السلام . ۴
(فقلت : أ ليس تعلم أنّ لكلّ شيء مدّة؟ قال : بلى ، فقلت : هل ينفعك علمك) .
قيل : الظاهر أنّ الاستفهام للإنكار ؛ لأنّ العلم بأنّ للجور مدّة، وللراحة مدّة، والعلم بنهاية الاُولى وبداية الثانية ، لا ينفع في زوال الجور، وحصول الراحة قبلهما بالفعل ، وأمّا بعدهما فترتفع الجور، وتحصل الراحة، سواءً علم أم لا ، فلا نفع للعلم بهما ، فلا فائدة

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۹۱ .

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۹۲ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 112964
صفحه از 630
پرینت  ارسال به