409
البضاعة المزجاة المجلد الأول

(ورأيت الدين قد انكفأ كما ينكفئ الماء ) .
في بعض النسخ: «الإناء» بدل «الماء»، وهو أظهر . يقال : كفأت الإناء ـ بهمز اللام ـ وأكفأته، إذا كَبَبْته وقلبته، فانكفأ .
ولعلّ المراد بالانكفاء هنا صيرورة الدين، وكونه بحيث بقي اسمه وضاع رسمه وما فيه من الأحكام، كالإناء المقلوب ، ويُراد به الرجوع والتغيّر عن حالته الأصليّة .
قال الفيروزآبادي : «انكفأ: رجع، ولونه: تغيّر» . ۱
(ورأيت أهل الباطل قد استعلوا على أهل الحقّ) .
لعلّ المراد بأهل الباطل حكّام الجور وسلاطينهم ، وبأهل الحقّ العلماء الراسخون ، وبالاستعلاء استيلاؤهم، وجريان أحكامهم عليهم .
(ورأيت الشرّ ظاهرا) لا يُخفى.
(ولا يُنهى عنه) ؛ إمّا لعدم علمهم بقبح الشرّ والفسوق؛ لغاية جهلهم، أو وجود العالم به مع قدرته، أو عدم اعتنائه بشعائر الدين، وعدم ارتكابه بالنهي عن المنكر .
(ويُعذَر أصحابه) ؛ على بناء المجهول، والضمير للشرّ، أي يعدّون أصحاب الشرّ معذورين فيما هم فيه من الفسق والفساد .
(ورأيت الفسق قد ظهر) .
الفسق، بالكسر: الترك لأمر اللّه ، والعصيان، والخروج عن طريق الحقّ، أو الفجور ، كذا في القاموس. ۲
وفيه: «الفجر : الانبعاث في المعاصي، والزنا، وفجر: فسق، وكذب، وكذّب، وعصى، وخالف» . ۳
وأقول : لعلّ العطف للتفسير، أو يُراد بالشرّ بعض تلك المعاني، وبالفسق بعض آخر .
(واكتفى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء) كناية عن اللواط والسحق .
(ورأيت المؤمن صامتاً لا يُقبل قوله) يعني أنّ صمته لعدم قبول قوله.

1.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۲۶ (كفأ) .

2.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۲۷۶ (فسق) .

3.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۱۰۷ (فجر) .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
408

«وَلكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ » ۱ ؛ لفرط جهلهم وغرورهم .
والحاصل أنّه ـ عزّ وجلّ ـ لمّا كان مبدء جميع ۲ الممكنات المحتاجين إليه من جميع الجهات، فالقوّة والغَلَبة له ولمَن أعزّه ممّن تقرّب إليه بالوسائل المشروعة على تفاوت مراتبهم ، وأمّا المنافقون لجهلهم وشدّة عنادهم وقساوتهم زعموا أنّ العزّة في أسباب الدنيا واعتباراتها، ومن ثمّ تراهم أميل إلى من كانت الدنيا عنده أكثر وأوفر .
وقوله : (هو غداً في زُمرتنا) .
في القاموس: «الزمرة، بالضمّ: الفوج، والجماعة» . ۳
وقوله عليه السلام : (فإذا رأيت الحقّ قد مات، وذهب أهله...) شروع في بيان جملة من علامات ظهور دولة الحقّ، ووصول الراحة لأهله .
ولعلّ المراد بالحقّ ما يتعلّق بأمر الدين اُصولاً وفروعاً، وبموته عدم ترويجه واندراسه وإعراض الخلق عنه، وبذهاب أهله فقدُ العالِم به ، أو كونه بحيث لا يؤخذ منه، ولا يُلتفَت إليه .
(ورأيت الجور قد شمل البلاد) .
في القاموس: «شَمِلهم الأمر ـ كفرح ونصر ـ شَمَلاً وشَمْلاً وشُمولاً: عمّهم» . ۴
(ورأيت القرآن قد خَلُق) كناية عن عدم رغبة الخلق بتلاوته، وإعراضهم عن العمل به، وعن الاتّعاظ بمواعظه، والانزجار من زواجره .
قال الفيروزآبادي: «خلق الثوب ـ ككرم ونصر وسمع ـ خُلوقة وخَلَقاً، محرّكة: بلِيَ» . ۵
(واُحدث) على البناء للمفعول (فيه) أي في القرآن، أو في الحقّ. والأوّل أقرب .
(ما ليس فيه) من تحريف ألفاظه، أو تغيير أحكامه . والثاني أنسب بقوله : (ووُجِّه على الأهواء ).
التوجيه الإرسال، وصرف الوجه . والمراد هنا التأويل والتفسير .

1.المنافقون (۶۳) : ۸ .

2.في النسخة : «الجمع» .

3.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۴۰ (زمر) .

4.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۴۰۳ (شمل) .

5.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۲۲۸ (خلق) .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 112874
صفحه از 630
پرینت  ارسال به