411
البضاعة المزجاة المجلد الأول

(ورأيت الثناء قد كثُر) يعني ثناء الناس بعضهم بعضاً لغرضٍ من الأغراض، أو مطلقاً .
قال الجوهري : «أثنى عليه خيراً، والاسم الثناء » . ۱
وقيل: الثناء: وصف بمدحٍ، أو ذمٍّ ، وكثيراً ما يخصّ الأوّل . وقيل : هو من توابع الفساد في القوّة الشهويّة، وميل النفس الأمّارة إلى الدنيا، وغلبتها على القوّة العقليّة الحاكمة بأنّ المستحقّ للثناء إلّا اللّه . ۲
وفي بعض النسخ: «البناء» بالباء الموحّدة والنون، وهو بالكسر: المبنيّ، ونقيض الهدم .
ولعلّ المراد بكثرته الزائد على قدر الحاجة كمّا وكيفا .
(ورأيت الرجل ينفق المال في غير طاعة اللّه فلا يُنهى ولا يؤخذ على يديه) .
المراد بالنهي [النهي] عن حدّ الإسراف ، وبأخذ يديه حجره من التصرّف في ماله، وإجراء أحكام الفجور عليه إن لم ينَتْهِ بالنهي .
(ورأيت الناطر يتعوّذ باللّه ممّا يرى المؤمن فيه من الاجتهاد) .
«من» بيان للموصول ، والمراد بالاجتهاد الكدّ والسعي في العلم والعمل في الطاعات والقربات ، وينبغي لمن نظر إليه التأسّي به، فإذا تعوّذ من عمله فقد عدّ الخير شرّاً، وبالعكس ، ذلك في حدّ الكفر باللّه وبما جاء به رسله .
(ورأيت الجار يؤذي جاره وليس له مانع) أي من يمنعه من إيذاء الجار .
(ورأيت الكافر فرحاً) لما في بعض النسخ (لما يرى في المؤمن) من المشقّة والعناء (مرحاً) لما في بعض النسخ (لما يرى في الأرض من الفساد) .
في القاموس: «الفَرَح، محرّكة: السرور، والبَطَر. فَرِحَ فهو فَرِحٌ» . ۳
وفيه: «مَرحَ، كفَرَحَ: أشِرَ، وبَطِرَ، واختال، ونَشِطَ، وتبختر، وهو مَرِحٌ» . ۴
وقال الجوهري : «المَرَحُ: شدّة الفرح والنشاط ». ۵
والمقصود شماتة الكفّار لما يرون في المؤمنين من سوء الحال، وتفرقة البال، وتبدّد ۶ النظام والأحوال .

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۹۵ .

2.الصحاح ، ج ۶ . ص ۲۲۹۶ (ثني) .

3.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۲۳۹ (فرح) .

4.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۲۴۸ (مرح) .

5.الصحاح، ج ۱ ، ص ۴۰۴ (مرح) .

6.التبدّد : التفرّق ، والتبديد : التفريق . اُنظر : كتاب العين ، ج ۸ ، ص ۱۴ ؛ لسان العرب ، ج ۳ ، ص ۷۸ (بدد) .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
410

(ورأيت الفاسق يكذب ولا يردّ عليه كذبه وفِرْيَته) ؛ إمّا لعدم العالم بقبحهما، أو وجوده وعدم اعتنائه بهما، أو عدم قدرته كما ذكرنا آنفاً.
وفي القاموس: «الفرية: الكذب». ۱ وفي الصحاح: «افتراه: اختلقه ، والاسم الفرية». ۲
فالعطف إمّا للتفسير، أو من قبيل ذكر الخاصّ بعد العامّ .
(ورأيت الصغير يستحقر الكبير) .
في بعض النسخ: «بالكبير» . وفي بعضها: «يحقّر الكبير» .
قال الجوهري : «استحقره: استصغره، وحقّره: صغّره» . ۳
(ورأيت الأرحام قد تقطّعت) أي تبدّدت، وتفرّقت .
والتقطّع: صيرورة الشيء قِطعة قِطعة ، والتقطّع أيضاً : المخالفة ، فالفعل على الأوّل على صيغة المعلوم، وعلى الثاني على صيغة المجهول .
(ورأيت من يَمتدح بالفسق يَضحَك منه ولا يردّ [عليه] قوله) .
«يمتدح» و«يضحك» على بناء المجهول ، ويحتمل كونهما على بناء المعلوم، والمستتر في الثاني راجعاً إلى «من يمتدح» .
قال الفيروزآبادي : «مدحه ـ كمنعه ـ مَدْحاً: أحسنَ الثناء عليه، كامتدحه» . ۴
(ورأيت الغلام يعطي ما تعطي المرأة) .
قيل : فيه إشارة إلى فساد المفعول وذمّه، وفي السابق إلى فساد الفاعل وذمّه، فلا تكرار . ۵
(ورأيت النساء يتزوّجن النساء) .
قيل : كأنّ المراد به تزويج الخُنثى بالخُنثى، أو بالمرأة ، وإن اُريد بالتزويج المساحقة مع بُعده لزم التكرار . ۶
أقول : يمكن أن يتكلّف فيه، ويحمل على ما حمل عليه الفقرة السابقة .

1.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۷۳ (فري) .

2.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۴۵۴ (فري) .

3.الصحاح ، ج ۲ ، ص ۶۳۵ (حقر) .

4.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۲۴۸ (مدح) مع اختلاف يسير .

5.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۹۵ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 112752
صفحه از 630
پرینت  ارسال به