421
البضاعة المزجاة المجلد الأول

وقيل : ظاهر كثير من الأصحاب أنّ تذهيب المساجد مطلقاً، وإن لم يكن بالنقش والتصوير ؛ والنقش مطلقاً، وإن لم يكن بالتذهيب والتصوير ؛ والتصوير مطلقاً، وإن لم يكن بالذهب وصورة حيوانٍ حرام، والاحتياط ظاهر . ۱
(ورأيت أصدق الناس [عند الناس] المفتري الكذب) .
الكذب، بالكسر وككتف: مصدر، بمعنى اسم الفاعل، صفة للمفتري، أو مفعوله، والتركيب من قبيل ضارب الرجل .
(ورأيت الشرّ قد ظهر) أي شاع .
وقوله : (والسعي بالنميمة) عطف على الشرّ .
قال الفيروزآبادي : «النمّ: التوريش، والإغراء، ورفع الحديث إشاعة له وإفسادا وتزيين الكلام بالكذب . نَمّ يَنُمّ ويَنِمُّ، فهو نَمُوم ونمّام، والاسم: النميمة . ۲
وقيل : أشار عليه السلام هنا إلى فساد أهل الزمان، باعتبار ظهور الشرّ بينهم، وأشار فيما سبق بقوله : «وإذا رأيت الشرّ ظاهرا» إلى فسادهم باعتبار عدم النهي عنه، فلا تكرار . ۳
(ورأيت البغي قد فشا) أي شاع .
والبغي: العلوّ، والعدول عن الحقّ، والاستطالة في المشي، والتجاوز عن الحدود الشرعيّة، والظلم، والخروج عن طاعة الإمام العادل ، ومنه: الفئة الباغية .
(ورأيت الغيبة تُستملح) أي تعدّ مَليحةً حسنةً مرغوبة .
قال الجوهري :
اغتابه اغتياباً، إذا وقع فيه، والاسم: الغيبةُ، وهو أن يتكلّم خلف إنسان مستور بما يغمّه لو سمعه، فإن كان صدقاً سُمّي غيبة، وإن كان كذباً سمّي بهتاناً . ۴
وقال الفيروزآبادي : «غابه: عابه، وذكره بما فيه من السوء، كاغتابه ، والغيبة : فِعلةٌ منه ،

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۰۱ .

2.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۱۸۳ (نمم) مع التلخيص .

3.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۱۹۶ (غيب) .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
420

(ورأيت من يحبّنا يُزوّر) على البناء للمفعول، من التزوير ، وهو تزيين الكذب، أي ينسب إلى الزور ، والكذب، والافتراء .
قال الفيروزآبادي : «زوّر : زيّن الكذب، والشهادة: أبطلها، ونفسه ، وسمّها بالزور» . ۱
(ولا تقبل شهادته)، كما هو المتعارف عند أهل الخلاف من ردّ شهادة الرافضة .
(ورأيت الزور) أي الكذب والباطل والتّهمة (من القول يُتَنافس فيه) أي يرغب فيه، ويعتقد به كالفقهاء الأربعة ومقلّديهم؛ فإنّهم يرغبون إلى القول بالرأي والتظنّي والاستحسان والقياس ، وكالجَهَلة من عوام الناس عموماً؛ فإنّ طبائعهم مائلة كلّ الميل إلى نقل الأقوال الكاذبة واستماعها .
(ورأيت القرآن قد ثَقُلَ على الناس استماعه) ؛ لعدم رغبتهم فيه .
(وخفّ على الناس استماع الباطل) ؛ لكمال رغبتهم فيه .
وقيل : من البيّن أنّ كلّ ما تعجز النفس عن إدراكه، فهو ثقيل عليها، وكلّ ما تدركه بسهولة، فهو خفيف عليها، فإذا ذهب العلم والعلماء، وبقي الجهل والجهلاء كان استماع القرآن عليهم ثقيلاً، واستماع الباطل خفيفاً . ۲
(ورأيت الجار يكرم الجار خوفاً من لسانه) .
الظاهر أن يُراد بالجار المجاور مطلقاً، فيشمل الجليس والمصاحب أيضاً، وأنّ الذمّ راجع إلى الجار الثاني لا الأوّل ؛ لقبح لسانه .
وقيل : يحتمل رجوعه إلى الجار الأوّل، باعتبار أنّ صدور الإكرام منه بسبب الخوف فقط لا بدونه ، أو إليهما جميعاً . ۳
(ورأيت الحدود قد عُطِّلت، وعُمل فيها بالأهواء) .
الحدّ : تمييز الشيء عن الشيء، وبيان منتهى الشيء، وحدود اللّه ما حدّه وشرّعه . والتعطيل: الإهمال والترك .
(ورأيت المساجد قد زُخرِفت) .
الزَّخْرفَة: النقش بالذهب، أو مطلقاً، كما قيل .

1.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۴۲ (زور) .

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۰۱ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 110467
صفحه از 630
پرینت  ارسال به