427
البضاعة المزجاة المجلد الأول

متن الحديث الثامن

(حديث موسى عليه السلام )

۰.عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عِيسى رَفَعَهُ قَالَ :«إِنَّ مُوسى عليه السلام نَاجَاهُ اللّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالى، فَقَالَ لَهُ فِي مُنَاجَاتِهِ: يَا مُوسى، لَا يَطُولُ فِي الدُّنْيَا أَمَلُكَ، فَيَقْسُوَ لِذلِكَ قَلْبُكَ، وَقَاسِي الْقَلْبِ مِنِّي بَعِيدٌ.
يَا مُوسى، كُنْ كَمَسَرَّتِي فِيكَ؛ فَإِنَّ مَسَرَّتِي أَنْ أُطَاعَ فَلَا أُعْصى، وَأَمِتْ ۱ قَلْبَكَ بِالْخَشْيَةِ، وَكُنْ خَلَقَ الثِّيَابِ، جَدِيدَ الْقَلْبِ، تُخْفى عَلى أَهْلِ الْأَ رْضِ، وَتُعْرَفُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ حِلْسَ الْبُيُوتِ، مِصْبَاحَ اللَّيْلِ، وَاقْنُتْ بَيْنَ يَدَيَّ قُنُوتَ الصَّابِرِينَ، وَصِحْ إِلَيَّ مِنْ كَثْرَةِ الذُّنُوبِ صِيَاحَ الْمُذْنِبِ الْهَارِبِ مِنْ عَدُوِّهِ، وَاسْتَعِنْ بِي عَلى ذلِكَ؛ فَإِنِّي نِعْمَ الْعَوْنُ، وَنِعْمَ الْمُسْتَعَانُ!
يَا مُوسى، إِنِّي أَنَا اللّهُ فَوْقَ الْعِبَادِ، وَالْعِبَادُ دُونِي، وَكُلٌّ لِي دَاخِرُونَ، فَاتَّهِمْ نَفْسَكَ عَلى نَفْسِكَ، وَلَا تَأْتَمِنْ وَلَدَكَ عَلى دِينِكَ، إِلَا أَنْ يَكُونَ وَلَدُكَ مِثْلَكَ يُحِبُّ الصَّالِحِينَ.
يَا مُوسَى اغْسِلْ ، وَاغْتَسِلْ، وَاقْتَرِبْ مِنْ عِبَادِيَ الصَّالِحِينَ.
يَا مُوسى، كُنْ إِمَامَهُمْ فِي صَلَاتِهِمْ، وَإِمَامَهُمْ فِيمَا يَتَشَاجَرُونَ، وَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلْتُ عَلَيْكَ، فَقَدْ أَنْزَلْتُهُ حُكْماً بَيِّناً، وَبُرْهَاناً نَيِّراً، وَنُوراً يَنْطِقُ بِمَا كَانَ فِي الْأَ وَّلِينَ، وَبِمَا هُوَ كَائِنٌ فِي الْاخِرِينَ.
أُوصِيكَ يَا مُوسى وَصِيَّةَ الشَّفِيقِ الْمُشْفِقِ بِابْنِ الْبَتُولِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، صَاحِبِ الْأَ تَانِ وَالْبُرْنُسِ وَالزَّيْتِ وَالزَّيْتُونِ وَالْمِحْرَابِ، وَمِنْ بَعْدِهِ بِصَاحِبِ الْجَمَلِ الْأَ حْمَرِ، الطَّيِّبِ الطَّاهِرِ الْمُطَهَّرِ، فَمَثَلُهُ فِي كِتَابِكَ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ مُهَيْمِنٌ عَلَى الْكُتُبِ كُلِّهَا، وَأَنَّهُ رَاكِعٌ سَاجِدٌ، رَاغِبٌ رَاهِبٌ، إِخْوَانُهُ الْمَسَاكِينُ، وَأَنْصَارُهُ قَوْمٌ آخَرُونَ، وَيَكُونُ فِي زَمَانِهِ أَزْلٌ وَزِلْزَالٌ، وَقَتْلٌ وَقِلَّةٌ مِنَ الْمَالِ، اسْمُهُ أَحْمَدُ، مُحَمَّدٌ الْأَ مِينُ مِنَ الْبَاقِينَ، مِنْ ثُلَّةِ الْأَ وَّلِينَ الْمَاضِينَ، يُؤْمِنُ بِالْكُتُبِ كُلِّهَا، وَيُصَدِّقُ جَمِيعَ الْمُرْسَلِينَ، وَيَشْهَدُ بِالْاءِخْلَاصِ لِجَمِيعِ النَّبِيِّينَ، أُمَّتُهُ مَرْحُومَةٌ مُبَارَكَةٌ، مَا بَقُوا فِي الدِّينِ عَلى حَقَائِقِهِ ، لَهُمْ سَاعَاتٌ مُوَقَّتَاتٌ، يُؤَدُّونَ فِيهَا الصَّلَوَاتِ أَدَاءَ الْعَبْدِ إِلى سَيِّدِهِ نَافِلَتَهُ، فَبِهِ فَصَدِّقْ، وَمِنْهَاجَهُ فَاتَّبِعْ؛ فَإِنَّهُ أَخُوكَ .
يَا مُوسى، إِنَّهُ أُمِّيٌّ، وَهُوَ عَبْدٌ صِدْقٌ، يُبَارَكُ لَهُ فِيمَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ، وَيُبَارَكُ عَلَيْهِ، كَذلِكَ كَانَ فِي

1.في النسخة: «فأمت».


البضاعة المزجاة المجلد الأول
426

(واطلب إلى اللّه ـ عزّ وجلّ ـ النجاة) من موجبات عقوبته في الدنيا والآخرة .
(واعلم أنّ الناس) أي أهل ذلك الزمان (في سخط اللّه ) بسلوكهم الطرق الموصلة إلى سخطه وغضبه .
(وإنّما يُمهلهم لأمر يُراد بهم) من الرجوع عن المعاصي، أو الاستدراج، أو حكمة اُخرى .
(فكن مترقّباً) .
في بعض النسخ: «مرتقباً» أي منتظراً للفرج، ونزول الرحمة، أو حلول عذاب اللّه بهم ، ولعلّ الثاني أنسب بالسياق .
وقوله : (فإن نزل بهم العذاب) أي الدنيوي (وكنت فيهم) وهلكت معهم، فلا يضرّ بآخرتك ، بل (عجّلت) على صيغة المعلوم من العجل، أو المجهول من التعجيل .
(إلى رحمة اللّه ) وجنّته ونعيمها؛ لأنّه تعالى يجزي هناك كلّاً بعمله .
(وإن اُخّرت ابتلوا) على بناء المفعول أي كانوا مبتلين بعقوبة الدنيا والآخرة .
(وكنت قد خرجت ممّا هم فيه من الجرأة على اللّه ) .
«من» بيان للموصول.
وقوله : (أنّ رحمة اللّه قريب من المحسنين)؛ قال الجوهري : «قوله تعالى : «إِنَّ رَحْمَةَ اللّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ»۱ ، ولم يقل : قريبة؛ لأنّه أراد بالرحمة الإحسان، ولأنّ ما لا يكون تأنيثه حقيقيّاً جاز تذكيره» .
وقال : «المراد : إذا كان القريب في معنى المسافة يذكّر ويُؤنّث، وإذا كان في معنى النسب يؤنّث بلا اختلاف بينهم». ۲
وقال البيضاوي :
تذكير قريب؛ لأنّ الرحمة بمعنى الرحم، أو لأنّه صفة محذوف؛ أي أمر قريب، أو على تشبيهه بفعيل الذي بمعنى مفعول، أو الذي هو مصدر كالنقيض، أو الفرق بين القريب من النسب والقريب من غيره . ۳

1.الأعراف (۷) : ۵۶ .

2.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۱۹۸ (قرب) .

3.تفسير البيضاوي ، ج ۳ ، ص ۲۸ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 93394
صفحه از 630
پرینت  ارسال به