الْأَ رْحَامِ؛ فَإِنِّي أَنَا اللّهُ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ، وَالرَّحِمُ أَنَا خَلَقْتُهَا فَضْلاً مِنْ رَحْمَتِي لِيَتَعَاطَفَ بِهَا الْعِبَادُ، وَلَهَا عِنْدِي سُلْطَانٌ فِي مَعَادِ الآْخِرَةِ، وَأَنَا قَاطِعُ مَنْ قَطَعَهَا، وَوَاصِلُ مَنْ وَصَلَهَا، وَكَذلِكَ أَفْعَلُ بِمَنْ ۱ ضَيَّعَ أَمْرِي.
يَا مُوسى، أَكْرِمِ السَّائِلَ إِذَا أَتَاكَ بِرَدٍّ جَمِيلٍ، أَوْ إِعْطَاءٍ يَسِيرٍ؛ فَإِنَّهُ يَأْتِيكَ مَنْ لَيْسَ بِإِنْسٍ وَلَا جَانٍّ، مَلَائِكَةُ الرَّحْمنِ يَبْلُونَكَ كَيْفَ أَنْتَ صَانِعٌ فِيمَا أَوْلَيْتُكَ، وَكَيْفَ مُوَاسَاتُكَ فِيمَا خَوَّلْتُكَ؟!
وَاخْشَعْ لِي بِالتَّضَرُّعِ، وَاهْتِفْ [لِي] بِوَلْوَلَةِ الْكِتَابِ، وَاعْلَمْ أَنِّي أَدْعُوكَ دُعَاءَ السَّيِّدِ مَمْلُوكَهُ لِيَبْلُغَ بِهِ شَرَفَ الْمَنَازِلِ، وَذلِكَ مِنْ فَضْلِي عَلَيْكَ وَعَلى آبَائِكَ الْأَ وَّلِينَ.
يَا مُوسى، لَا تَنْسَنِي عَلى كُلِّ حَالٍ، وَلَا تَفْرَحْ بِكَثْرَةِ الْمَالِ؛ فَإِنَّ نِسْيَانِي يُقْسِي الْقُلُوبَ، ۲ وَمَعَ كَثْرَةِ الْمَالِ كَثْرَةُ الذُّنُوبِ، الْأَ رْضُ مُطِيعَةٌ، وَالسَّمَاءُ مُطِيعَةٌ، وَالْبِحَارُ مُطِيعَةٌ، وَعِصْيَانِي شَقَاءُ الثَّقَلَيْنِ، وَأَنَا الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ، رَحْمَانُ كُلِّ زَمَانٍ آتِي بِالشِّدَّةِ بَعْدَ الرَّخَاءِ، وَبِالرَّخَاءِ بَعْدَ الشِّدَّةِ، وَبِالْمُلُوكِ بَعْدَ الْمُلُوكِ، وَمُلْكِي دَائِمٌ قَائِمٌ لَا يَزُولُ، وَلَا يَخْفى عَلَيَّ شَيْءٌ فِي الْأَ رْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ، وَكَيْفَ يَخْفى عَلَيَّ مَا مِنِّي مُبْتَدَؤُهُ؟! وَكَيْفَ لَا يَكُونُ هَمُّكَ فِيمَا عِنْدِي وَإِلَيَّ تَرْجِعُ لَا مَحَالَةَ؟!
يَا مُوسَى اجْعَلْنِي حِرْزَكَ، وَضَعْ عِنْدِي كَنْزَكَ مِنَ الصَّالِحَاتِ، وَخَفْنِي وَلَا تَخَفْ غَيْرِى،¨ إِلَيَّ الْمَصِيرُ.
يَا مُوسَى ارْحَمْ مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْكَ فِي الْخَلْقِ، وَلَا تَحْسُدْ مَنْ هُوَ فَوْقَكَ؛ فَإِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ، كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ.
يَا مُوسى، إِنَّ ابْنَيْ آدَمَ تَوَاضَعَا فِي مَنْزِلَةٍ لِيَنَالَا بِهَا مِنْ فَضْلِي وَرَحْمَتِي، فَقَرَّبَا قُرْبَاناً، وَلَا أَقْبَلُ إِلَا مِنَ الْمُتَّقِينَ، فَكَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا مَا قَدْ عَلِمْتَ، فَكَيْفَ تَثِقُ بِالصَّاحِبِ بَعْدَ الْأَ خِ وَالْوَزِيرِ؟!
يَا مُوسى، ضَعِ الْكِبْرَ، وَدَعِ الْفَخْرَ، وَاذْكُرْ أَنَّكَ سَاكِنُ الْقَبْرِ، فَلْيَمْنَعْكَ ذلِكَ مِنَ الشَّهَوَاتِ.
يَا مُوسى، عَجِّلِ التَّوْبَةَ، وَأَخِّرِ الذَّنْبَ، وَتَأَنَّ فِي الْمَكْثِ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الصَّلَاةِ ، وَلَا تَرْجُ غَيْرِي، اتَّخِذْنِي جُنَّةً لِلشَّدَائِدِ، وَحِصْناً لِمُلِمَّاتِ الْأُمُورِ.
يَا مُوسى، كَيْفَ تَخْشَعُ لِي خَلِيقَةٌ لَا تَعْرِفُ فَضْلِي عَلَيْهَا؟! وَكَيْفَ تَعْرِفُ فَضْلِي عَلَيْهَا وَهِيَ لَا تَنْظُرُ فِيهِ؟! وَكَيْفَ تَنْظُرُ فِيهِ وَهِيَ لَا تُؤْمِنُ بِهِ؟! وَكَيْفَ تُؤْمِنُ بِهِ وَهِيَ لَا تَرْجُو ثَوَاباً؟! وَكَيْفَ تَرْجُو