الآْخِرَةُ، فَهُوَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا مَا يَفْتُرُ، قَدْ حَالَتْ شَهْوَتُهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ لَذَّةِ الْعَيْشِ، فَأَدْلَجَتْهُ بِالْأَ سْحَارِ كَفِعْلِ الرَّاكِبِ السَّائِقِ إِلى غَايَتِهِ، يَظَلُّ كَئِيباً، وَيُمْسِي حَزِيناً، فَطُوبى لَهُ لَوْ قَدْ كُشِفَ الْغِطَاءُ مَا ذَا يُعَايِنُ مِنَ السُّرُورِ؟!
يَا مُوسَى الدُّنْيَا نُطْفَةٌ لَيْسَتْ بِثَوَابٍ لِلْمُؤْمِنِ، وَلَا نَقِمَةٍ مِنْ فَاجِرٍ، فَالْوَيْلُ الدَّائِمُ ۱
لِمَنْ بَاعَ ثَوَابَ مَعَادِهِ بِلَعْقَةٍ لَمْ تَبْقَ، وَبِلَعْسَةٍ ۲ لَمْ تَدُمْ، فَكَذلِكَ فَلْتَكُنْ ۳ كَمَا أَمَرْتُكَ، وَكُلُّ أَمْرِي رَشَادٌ .
يَا مُوسى، إِذَا رَأَيْتَ الْغِنى مُقْبِلاً، فَقُلْ: ذَنْبٌ عُجِّلَتْ لِي عُقُوبَتُهُ، وَإِذَا رَأَيْتَ الْفَقْرَ مُقْبِلاً، فَقُلْ: مَرْحَباً بِشِعَارِ الصَّالِحِينَ، وَلَا تَكُنْ جَبَّاراً ظَلُوماً، وَلَا تَكُنْ لِلظَّالِمِينَ قَرِيناً.
يَا مُوسى، مَا عُمُرٌ وَإِنْ طَالَ يُذَمُّ ۴ آخِرُهُ، وَمَا ضَرَّكَ مَا زُوِيَ عَنْك إِذَا حُمِدَتْ مَغَبَّتُهُ.
يَا مُوسى، صَرَخَ الْكِتَابُ إِلَيْكَ صُرَاخاً بِمَا أَنْتَ إِلَيْهِ صَائِرٌ، فَكَيْفَ تَرْقُدُ عَلى هذَا الْعُيُونُ؟! أَمْ كَيْفَ يَجِدُ قَوْمٌ لَذَّةَ الْعَيْشِ لَوْ لَا التَّمَادِي فِي الْغَفْلَةِ، وَا لأِّبَاعُ لِلشِّقْوَةِ، وَالتَّتَابُعُ لِلشَّهْوَةِ، وَمِنْ دُونِ هذَا يَجْزَعُ ۵ الصِّدِّيقُونَ.
يَا مُوسى، مُرْ عِبَادِي يَدْعُونِي عَلى مَا كَانَ بَعْدَ أَنْ يُقِرُّوا لِي ۶ أَنِّي أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، مُجِيبُ ۷ الْمُضْطَرِّينَ، وَأَكْشِفُ السُّوءَ، وَأُبَدِّلُ الزَّمَانَ، وَآتِي بِالرَّخَاءِ، وَأَشْكُرُ الْيَسِيرَ، وَأُثِيبُ الْكَثِيرَ، وَأُغْنِي الْفَقِيرَ، وَأَنَا الدَّائِمُ الْعَزِيزُ الْقَدِيرُ، فَمَنْ لَجَأَ إِلَيْكَ، وَانْضَوى ۸ إِلَيْكَ مِنَ الْخَاطِئِينَ، فَقُلْ: أَهْلاً وَسَهْلاً يَا رَحْبَ الْفِنَاءِ بِفِنَاءِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ، وَكُنْ لَهُمْ كَأَحَدِهِمْ، وَلَا تَسْتَطِلْ عَلَيْهِمْ بِمَا أَنَا أَعْطَيْتُكَ فَضْلَهُ، وَقُلْ لَهُمْ: فَلْيَسْأَلُونِي مِنْ فَضْلِي وَرَحْمَتِي؛ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا أَحَدٌ غَيْرِي، وَأَنَا ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ.
طُوبى لَكَ يَا مُوسى كَهْفُ الْخَاطِئِينَ، وَجَلِيسُ الْمُضْطَرِّينَ، وَمُسْتَغْفِرٌ لِلْمُذْنِبِينَ، إِنَّكَ مِنِّي بِالْمَكَانِ الرَّضِيِّ، فَادْعُنِي بِالْقَلْبِ النَّقِيِّ، ۹ وَاللِّسَانِ الصَّادِقِ، وَكُنْ كَمَا أَمَرْتُكَ، أَطِعْ أَمْرِي، وَلَا تَسْتَطِلْ عَلى عِبَادِي بِمَا لَيْسَ مِنْكَ مُبْتَدَاهُ، وَتَقَرَّبْ إِلَيَّ؛ فَإِنِّي مِنْك قَرِيبٌ، فَإِنِّي لَمْ أَسْأَلْكَ مَا يُؤْذِيكَ
1.في الحاشية عن بعض النسخ وكلتا الطبعتين : «الطويل» .
2.في الحاشية عن بعض النسخ: «وبلغة». وفي الطبعة الجديدة : «وبلعقة» . وفي بعض نسخ الكافي والوافي : «وبلعة» بالعين المهملة . وفي بعض النسخ وشرح المازندراني : «ويلعقه» .
3.في كلتا الطبعتين وجميع النسخ التي قوبلت في الطبعة الجديدة : «وكذلك فكن» بدل «فكذلك فلتكن» .
4.في الحاشية عن بعض النسخ: «يدوم».
5.في الحاشية عن بعض النسخ: «يفزع».
6.في الحاشية عن بعض النسخ: «بي».
7.في النسخة: + «دعوة» مرمّز ب «خ».
8.في الحاشية عن بعض النسخ: «وانطوى».
9.في الحاشية عن بعض النسخ: «التقيّ».