457
البضاعة المزجاة المجلد الأول

(فإنّها منّي بمكان) .
التنوين للتعظيم ؛ أي مكان شريف رفيع . وقيل : المكان هنا بمعنى المكانة والمنزلة . ۱
(ولها عندي عهدٌ وثيق) .
العهد: الأمان، واليمين، والموثق، والذمّة، والحفاظ، والوصيّة .
وقيل : لعلّ المراد به أنّ من حفظها وحفظ حرمتها وفعلها في أوقاتها، وراعى حدودها، جعله من عباده المقرّبين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، وأنّ مَن ضيّعها وضيّع حقوقها ضيّعهُ اللّه تعالى وجعله من الأخسرين . ۲
(وألحق) من الإلحاق، على صيغة الأمر، أو المتكلّم. وكونه ماضياً مجهولاً بعيد.
(بها ما هو منها) أي من جملة الصلاة، أو من متمّماتها ؛ لأنّ قبول الصلاة مشروط بالزكاة، فكأنّها جزء منها ومن جملتها ، أو المراد ما هو قريب منها .
وروي أنّ مانع الزكاة وقفت صلاته حتّى يزكّي . ۳
(زكاة القُربان) بيان للموصول، أو بَدَل عنه .
والقُربان: إمّا مصدر بمعنى القُرب، أو ما يتقرّب به إلى اللّه ، والإضافة على الأوّل لاميّة، وعلى الثاني بيانيّة . ۴
(من طيّب المال والطعام) .
الطيّب: خلاف الخبيث ؛ أي من الحلال، أو من خيار المال وأفضله ، لا من رديئه ومعيوبه .
(فإنّي لا أقبل إلّا الطيّب يُراد به وجهي) .
جملة «يُراد» حال عن الطيّب ، ويستفاد منه أنّ القبول مشروط بأمرين : قصد القربة، وإخراج الطيّب .
(واقرن مع ذلك صلة الأرحام) .
القِران والقَرن: الجمع ، والوصل ، وفعله كنصر وضرب ، وذلك إشارة إلى الصلاة والزكاة ،

1.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۹۶ .

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۲۳ .

3.راجع : الكافي ، ج ۳ ، ص ۵۰۵ ، باب منع الزكاة ، ح ۱۲ ؛ الفقيه ، ج ۲ ، ص ۱۲ ، باب ما جاء في مانع الزكاة ، ح ۱۵۹۴ ؛ التهذيب ، ج ۴ ، ص ۱۱۲ ، باب من الزيادات في الزكاة ، ح ۳۳۰ .

4.قال المازندراني رحمه الله : «وحمله على ما كان معروفا في سالف الزمان بعيد» .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
456

ويحتمل أن يُراد بالمخافة هنا الأمر المخوف المحذّر منه ، وبالإشفاق الحذر والاحتراز له من عذابي حَذرون، أو يكون بتقدير المضاف إليه ؛ أي من مخافة عذابي خائفون ، أو يكون المخافة بأحد المعنيين الأخيرين ؛ أي من قَتْلي، أو من علمهم بعظمتي وجبروتي مشفقون .
وقال بعض المحقّقين :
لعلّ المراد أنّهم من أجل مشاهدة العظمة والمهابة ، أو من أجل الخوف الحاصل لهم من مشاهدتهما مشفقون من نزول العذاب عليهم، أو من زوال كمالاتهم المحتاجة إليها ، أو من سقوط منزلتهم لديه ، والفرق بين الوجهين أنّ مشاهدة العظمة سببٌ للإشفاق في الأوّل، والخوف الحاصل منها سببٌ له في الثاني ، وفي الأوّل تجوّز باعتبار أنّه اُريد بالمخافة ـ وهي الخوف من مشاهدة العظمة ـ نفس تلك المشاهدة مجازاً ، وبه فُسّر قوله تعالى في وصف الملائكة : «هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ»۱
. ۲
(والأرض تسبّح لي طمعاً) أي حرصاً منها في رحمتي . يُقال : طمع فيه وبه ـ كفرح ـ طمعاً بالتحريك ، أي حرص عليه. والطمع أيضاً : رزق الجند، أو إطماعهم أوقات قبضهم أرزاقهم .
(وكلّ الخلق يسبّحون لي داخرين) ۳ أي خاشعين متذلّلين .
الدخور: الصغار، والذلّ . قيل : التسبيح هنا محمول على القدر المشترك بين النطق بالتنزيه المطلق والدلالة عليه؛ لإسناده إلى ما يتصوّر منه النطق، وإلى ما لا يتصوّر منه، أو عليهما على مذهب مَن جوّز إطلاق اللفظ على معنييه .
وفي نسبة التسبيح إلى جميع المخلوقين تحريك للناس أجمعين إليه ؛ لما أعطاهم من قلب صحيح، ولسان فصيح، وزيادة الإحسان والإنعام، وهي توجب زيادة التسبيح والتقديس والإجلال . ۴
(ثمّ عليك بالصلاة الصلاة) .
يُقال : عليك زيداً وبزيد ؛ أي إلزَمْهُ ، وتكرير الصلاة للتأكيد، أو للاهتمام والتعظيم .

1.المؤمنون (۲۳) : ۵۷ .

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۲۲ .

3.في كلتا الطبعتين : «داخرون» .

4.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۲۲ و۳۲۳ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 108707
صفحه از 630
پرینت  ارسال به