(ولها عندي سلطان في معاد الآخرة) .
لعلّ المراد أنّ للرحم عندي حجّة وبرهان مقبولة، وسلطنة في قبول شفاعتها، وهي طلب الوصل منه تعالى لمَن وصلها، وطلب القطع لمن قطعها .
وقد ورد في الأخبار : «أنّ الرحم معلّقة يوم القيامة بالعرش تقول: اللّهُمَّ صِل مَن وصلني، واقطع مَن قطعني» . ۱
(وأنا قاطع مَن قطعها، وواصل مَن وصلها) .
قيل : لعلّ المراد بوصله تعالى مَنْ وصلها رحمته لهم، وعطفه عليهم بنعمِهِ الدائمة الباقية، أو وصلُهم بأهل ملكوته والرفيق الأعلى، أو قربه منهم وشرح صدورهم لمشاهدة عظمته، أو جميع أنواع الإكرام والإفضال . ۲
(وكذلك أفعل بمن ۳ ضيّع أمري) أي كلّ أمر من الأوامر التكليفي والاُمور التكويني؛ فإنّ من ضيّع الغرض من التكليف والغاية من التكوين بالعصيان استوجب القطع والحرمان ، وحاصل المعنى أنّي أجعل لأمري سلطاناً في المعاد، واُضيّع مَن ضيّعه .
وقوله : (بردٍّ جميل، أو إعطاء يسير) أي بأن تعطيه وإن كان قليلاً ، وقد روي : «لا تستحي من إعطاء القليل؛ فإنّ الحرمان أقلّ منه» . ۴
وقيل : أي إعطاء فيه يُسر وسهولة لا يكون فيه منّ ولا أذًى ، أو المراد أعطه القليل إن لم تقدر على الكثير، فيكون اقتصارا على الفردين الأخفيين من الإكرام ليدُلّ على الأجلى بالطريق الأولى . ۵
وقوله : (كيف مُواساتك فيما خَوّلتك) .
قال الجزري : «المواساة: المشاركة، والمساهمة في الرزق والمعاش ». ۶
وقال : «التخويل: التمليك» . ۷
1.قاله المحقّق الفيض رحمه الله في الوافي ، ج ۲۶ ، ص ۱۲۸ .
2.الكافي ، ج ۲ ، ص ۱۵۱ ، باب صلة الرحم ، ح ۱۰. وعنه في بحار الأنوار ، ج ۷۱ ، ص ۱۱۷ ، ح ۷۹ .
3.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۲۴ .
4.في الحاشية عن بعض النسخ: «لمن».
5.نهج البلاغة ، ج ۴ ، ص ۱۵ ، الكلمة ۶۷ ؛ روضة الواعظين ، ص ۳۸۴ ؛ عيون الحكم والمواعظ ، ص ۵۲۸ ؛ مشكاة الأنوار ، ص ۴۰۸ .
6.النهاية ، ج ۱ ، ص ۵۰ (أسأ) .
7.النهاية ، ج ۲ ، ص ۸۸ (خول) .