(في منزلة) . قيل : أي في عبادة واحدة، وهي تقريب القربان، وكانا بحسب الظاهر في درجة ومنزلة واحدة . ۱
وقيل : لعلّ المراد بها منزلة الكرامة والشرف والقرب . ۲
(ليَنالا بها) أي بتلك المنزلة (من فضلي ورحمتي، فقرّبا قُرباناً).
روي أنّه كان قربان هابيل كَبْشاً من أفضل أفراد غنمه، فقبل بنزول النار فأكلها له ، وقربان هابيل من أخسّ أفراد زرعته فلم يتقبّل ۳ .
والمراد بالقربان هنا ما يتقرّب به إلى اللّه تعالى من الذبيحة وغيرها ، وهو في الأصل مصدر ، ولذلك لم يثنّ مع أنّ المراد منه اثنان .
وقيل: تقديره: فقرّب كلّ واحدٍ منهما قرباناً، فلا يحتاج إلى التثنية . ۴
(ولا أقبل إلّا من المتّقين) .
فعدم قبول قربان قابيل لتركه التقوى .
(فكان من شأنهما ما قد علمت) من قتل أحدهما الآخر حسداً عليه.
(فكيف تثق بالصاحب بعد الأخ) أي بعد عدم وثوقك بالأخ، وظهور الخيانة منه كما عرفت .
(والوزير) عطف على الأخ، أو على الصاحب. والوزير وزير الملك الذي يحمل ثقله ويعينه برأيه ؛ أي لم تكن تثق بالأخ مع كمال قربه منك، وحمل الثقل عنك ، فكيف تثق بغيره؟!
وفيه مبالغة في الحزم؛ لكثرة أهل الحسد .
وقال بعض الأفاضل في شرح هذا الكلام :
قوله : «فكيف تثق بالصاحب»؛ يعني إذا قتل أحد الأخوين الآخر حسداً له بسبب قبول قربانه، فكيف يجوز الوثوق بالصاحب لمن حصل له الاطّلاع على ذلك ، ولمّا كان هذا الكلام مُوهِماً للنهي عن وثوقه على هارون أيضاً ؛ استدرك ذلك بقوله : «بعد الأخ والوزير» ؛ يعني أنّ هارون عليه السلام صالح لأن تثق به وذلك؛ لأنّه كان نبيّاً مرسلاً . انتهى . ۵
ولا يخفى عليك بعد هذا التوجيه غاية البُعد .
1.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۹۸ .
2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۲۸ .
3.راجع : تفسير العيّاشي ، ص ۳۰۹، ح ۷۸ . وعنه في بحار الأنوار ، ج ۲۳ ، ص ۶۳ ، ح ۳ .
4.راجع : شرح المازندراني ، ج ۱۱ ، ص ۳۲۸ .
5.قاله المحقّق الفيض رحمه الله في الوافي ، ج ۲۶ ، ص ۱۲۹ .