467
البضاعة المزجاة المجلد الأول

(فإنّ الخير كاسمه) .
الخير: ما يُرغب فيه الكلّ، كالعدل والفضل مثلاً. وقيل: هو اسم جامع لكلّ ما هو وسيلة للقرب منه تعالى، ولابدّ من الرغبة فيه والاجتهاد في طلبه؛ لأنّه حسن خيرة من اللّه تعالى كاسمه من بين الأسماء، والواضع لاحظ كمال المناسبة بينهما . ۱
أو قال بعض الأعلام:
المراد أنّ الخير لمّا دلّ بحسب أصل معناه في اللغة على الأفضليّة، وما يطلق عليه في العرف والشرع من الأعمال الحسنة ، هي خير الأعمال، فالخير كاسمه، أي إطلاق هذا الاسم على تلك الاُمور على الاستحقاق، والمعنى المصطلح مطابق للمدلول اللغوي، أو المراد فالخير لمّا كان كلّ أحد يستحسنه إذا سمعه ، فهو حسن واقعا ، وحُسنه حُسن واقعي.
قال: والحاصل أنّ ما يحكم به عقول جماعة الناس في ذلك مطابق للواقع، ويحتمل أن يكون المراد باسمه ذكره بين الناس ، أي إنّ الخير ينفع في الآخرة كما يصير سبباً لرفعة الذكر في الدنيا. ۲
(ودَع الشرّ لكلّ مفتون) بالدنيا وشرورها.
(يا موسى، اجعل لسانك من وراء قلبك تَسلم) ؛ يعني إذا أردت التكلّم بشيء كانيا ما كان ، فابدأ أوّلاً باستعمال القلب والعقل والتفكّر والتأمّل فيه وملاحظة نفعه وضرّه ، فإن وجدته نافعا فتكلّم به ، فيكون استعمال اللسان بعد استعمال القلب ووراءه.
ويحتمل أن يكون المراد النهي عن النطق بما لا يعتقدها بالقلب.
(وأكثر ذكري في الليل والنهار تَغنم) .
الغَنيمة والغُنم، بالضمّ وبالفتح والتحريك: الفيء، والفوز بالشيء بلا مشقّة ، وفعله كعلم، والمراد هنا ما يعمّ غُنم الدنيا بصلاح الحلال ورفاه البال، وغُنم الآخرة بالعبادة وحسن المآل، وفيه حذف ما يُغنم به.
(ولا تتّبع الخطايا فتندم) .
«لا تتّبع» من المجرّد، أو من الاتّباع بتشديد التاء على احتمال. يقال: تبعه ـ كفرح ـ تَبَعا

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۳۱ .

2.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول، ج ۲۵، ص ۹۹.


البضاعة المزجاة المجلد الأول
466

الدنيا وعدم اتّخاذها دار استيطان، فأشار إلى الأوّل وهو توقّف هذا التصديق على تصوّر المحكوم به بقوله: (كيف تعرف) أي الخليقة (فضلي عليها) وتصدّق به (وهي لا تنظر فيه) أي في الفضل، ولا تتصوّره؛ لانتفاء التصديق بانتفاء التصوّر.
وأشار إلى الثاني بقوله: «تنظر فيه»، أي في الفضل وتتصوّره .
(وهي لا تؤمن به) أي لا تقرّ، ولا تذعن بوجوده.
وأشار إلى الثالث بقوله: (وكيف تؤمن به، وهي لا ترجو ثواباً)؛ لأنّ الأقرار بوجود الفضل الذي من جملته الشرع يستلزم الرجاء بالثواب الموعود فيه، وانتفاء اللازم يستلزم انتفاء الملزوم.
وأشار إلى الرابع بقوله: (وكيف ترجو ثواباً، وهي قد قنعت بالدنيا) وغفلت عن الآخرة (واتّخذتها مأوى) أي مكان استقرار ودار استيطان . ۱
(وركنت إليها رُكون الظالمين) .
قال الجوهري:
ركن إليه يركن، وحكى أبو زيد: ركِن إليه ـ بالكسر ـ رُكوناً فيهما، أي مال إليه وسكن. وأمّا ما حكى أبو عمرو: رَكَن يركن ، بالفتح فيهما، فإنّما هو على الجمع بين اللغتين. ۲ انتهى.
وقيل في توجيه توقّف رجاء الثواب بعدم القناعة بالدنيا: إنّ الرجاء بالثواب يستلزم التمسّك بأسبابه، والعمل للآخرة، وعدم القناعة بالدنيا والركون إليها، وانتفاء اللازم دليل على انتفاء الملزوم.
ويظهر من هذه المقدّمات أنّ القانع بالدنيا الغافل عن الآخرة مسلوب عنه جميع ما تقدّم؛ لأنّ انتفاء الموقوف عليه والأسباب مستلزم لانتفاء الموقوف والمسبّبات، وليس للدنيا وأهلها ذمّ أبلغ من هذا. ۳
(يا موسى، نافس في الخير أهله) .
المنافسة في الشيء: الرغبة فيه على وجه المباراة ، والمبالغة في الكرم.

1.القائل هو المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۳۰ و۳۳۱ .

2.الصحاح ، ج ۵ ، ص ۲۱۲۶ (ركن) .

3.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۳۱ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 108614
صفحه از 630
پرینت  ارسال به