حصر الصحّة والقبول في الأوّل، ونفيهما عن الثاني بناء على مقدّمة ضروريّة ومقدّمة شرعيّة؛ أمّا الاُولى فهي أنّ كلّ ما لزم من وجوده عدمه، أو وجود ضدّه المستلزم لعدمه كان محالاً، وعلى هذا كانت القلّة في الأوّل والكثرة في الثاني محالان ؛ إذ لزم من فرض الاُولى ضدّها وهو الكثرة، ومن فرض الثانية ضدّها وهو القلّة ، فلا توجد القلّة في الأوّل ، والكثرة في الثاني .
وأمّا الثانية فلأنّ العمل الواحد الصحيح المقبول كثير، فسلب الكثرة عن الأعمال المتعدّدة إنّما هو لعدم صحّتها وقبولها . ۱
(وإنّ أصلح أيّامك الذي هو أمامك) وهو يوم القيامة، أو يوم الخروج من الدنيا، وكونه أصلح بالنظر إلى حال المؤمن ظاهر؛ فإنّه يوم تشرّفه بالكرامة، ودخوله دار المقامة.
وأمّا بالنظر إلى سائر الناس فأصلحيّته باعتبار كونه أهمّ وأحرى لأن يجتهد في إصلاحه والعمل له، كما أشار إليه بقوله: (فانظر أيّ يوم هو).
فيه تهويل وتعظيم لشذوذ ذلك اليوم وصعوبته، وامتيازه فيها عن سائر الأيّام.
وكذا في قوله: (فأعدّ [له] الجواب).
ثمّ علّل ذلك بقوله: (فإنّك موقوف به) . ۲
الضمير للجواب، أي متلبّساً به، أو لأجله، أو بسببه ، أو لليوم. والباء للظرفيّة، ولفظة «به» ليست في كثير من النسخ.
(ومسئول) عن عملك وصنيعك مطلقاً.
وقيل: أمره بإعداد الجواب أمر بضبطه جميع حركاته النفسانيّة والبدنيّة ومكاسب المال ومصارفه ووزنه بميزان الشرع بإسقاط الزائد وإتمام الناقص؛ فإنّه إذا فعل ذلك في أيّام عمره، وسئل يوم القيامة عمّا صنع، كان جوابه النافع حاضراً، وإن كان خلاف ذلك كان جوابه صَعبا ، والخروج عن عهدة الجواب مشكلاً. ۳
(وخذ موعظتك من الدهر وأهله) .
الدهر: الزمان الطويل. وقيل: لعلّ المراد من الدهر هنا عمر كلّ شخص، وهو يذهب مع
1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۳۲ .
2.في المتن الذي نقله الشارح رحمه الله سابقا : ـ «به» .
3.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۳۳ .