469
البضاعة المزجاة المجلد الأول

حصر الصحّة والقبول في الأوّل، ونفيهما عن الثاني بناء على مقدّمة ضروريّة ومقدّمة شرعيّة؛ أمّا الاُولى فهي أنّ كلّ ما لزم من وجوده عدمه، أو وجود ضدّه المستلزم لعدمه كان محالاً، وعلى هذا كانت القلّة في الأوّل والكثرة في الثاني محالان ؛ إذ لزم من فرض الاُولى ضدّها وهو الكثرة، ومن فرض الثانية ضدّها وهو القلّة ، فلا توجد القلّة في الأوّل ، والكثرة في الثاني .
وأمّا الثانية فلأنّ العمل الواحد الصحيح المقبول كثير، فسلب الكثرة عن الأعمال المتعدّدة إنّما هو لعدم صحّتها وقبولها . ۱
(وإنّ أصلح أيّامك الذي هو أمامك) وهو يوم القيامة، أو يوم الخروج من الدنيا، وكونه أصلح بالنظر إلى حال المؤمن ظاهر؛ فإنّه يوم تشرّفه بالكرامة، ودخوله دار المقامة.
وأمّا بالنظر إلى سائر الناس فأصلحيّته باعتبار كونه أهمّ وأحرى لأن يجتهد في إصلاحه والعمل له، كما أشار إليه بقوله: (فانظر أيّ يوم هو).
فيه تهويل وتعظيم لشذوذ ذلك اليوم وصعوبته، وامتيازه فيها عن سائر الأيّام.
وكذا في قوله: (فأعدّ [له] الجواب).
ثمّ علّل ذلك بقوله: (فإنّك موقوف به) . ۲
الضمير للجواب، أي متلبّساً به، أو لأجله، أو بسببه ، أو لليوم. والباء للظرفيّة، ولفظة «به» ليست في كثير من النسخ.
(ومسئول) عن عملك وصنيعك مطلقاً.
وقيل: أمره بإعداد الجواب أمر بضبطه جميع حركاته النفسانيّة والبدنيّة ومكاسب المال ومصارفه ووزنه بميزان الشرع بإسقاط الزائد وإتمام الناقص؛ فإنّه إذا فعل ذلك في أيّام عمره، وسئل يوم القيامة عمّا صنع، كان جوابه النافع حاضراً، وإن كان خلاف ذلك كان جوابه صَعبا ، والخروج عن عهدة الجواب مشكلاً. ۳
(وخذ موعظتك من الدهر وأهله) .
الدهر: الزمان الطويل. وقيل: لعلّ المراد من الدهر هنا عمر كلّ شخص، وهو يذهب مع

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۳۲ .

2.في المتن الذي نقله الشارح رحمه الله سابقا : ـ «به» .

3.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۳۳ .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
468

وتَباعا : مشى خلفه، ومرّ به فمضى معه، واتّبعتهم إذا كانوا سبقوك فلحقتهم، وأتبعتهم غيري .
والخطيئة: الذنب، أو ما يتعمّد منه، كالخِطاء ـ بالكسر ـ والخَطاء: ما لم يتعمّد. والجمع: الخطايا، واتّباعها: ارتكابها، والندامة بها تكون وقت الموت وبعده عند معاينة ثمراتها.
(فإنّ الخطايا موعدها النار) أي موعد صاحبها على طريق الكناية.
وقوله: (أطب الكلام...) من الإطابة، وهي التكلّم بالكلام الطيّب، أي بشّرهم بما يعملون .
(واتّخذهم لغيبك إخواناً) أي اتّخذهم إخواناً ليحفظوك في غيبتك بأن لا يذكروك فيها بسوء، ويدفعوا عنك الغيبة، ويكونوا ناصحين لك عند ما تغيب عنهم .
وقيل: يحتمل أن يراد بالغيب القيامة لغيبتها عن الحسّ ۱ . وقيل: أي يدعون لك في ظهر الغيب، أو يحملون ثقل نفسك وعيالك عند غيبتك فيهم . ۲
وفي بعض النسخ: «لعيبك» بالمهملة، أي لستره، أو عفوه، أو إصلاحه.
و«إخواناً» نصب على البدليّة من ضمير الجمع، أو على الحاليّة عنه.
(وجدّ معهم) يعني في حوائجهم .
وقوله: «يجدّون معك» حال عن الضمير المجرور، أي حال كونهم.
(يجدّون معك) في حوائجك.
ويحتمل أن يراد بالجدّ في الموضعين بذل الوسع في الطاقة في الطاعات أو الاجتهاد، والسعي في الاُمور مطلقاً.
والمراد بالزاد في قوله: (فتزوّد زادَ ...) ما ينفع في الآخرة من الورع والتقوى، والمراد بالورود عدم الارتياب فيه وتيقّنه .
وقوله: (فكثير قليله) إمّا بدولة ثوابه ودوامه، أو لمضاعفة ثوابه بالأضعاف التي لا يحصيها غيره تعالى، أو لتنميته سبحانه بيده وتربيته، وهكذا نظيره «عظيماً» و«قليله كثير» .
وقوله: (وما اُريد به غيري) يعني الانفراد ، أو الاشتراك .
(فقليل كثيره) .
قيل: لعلّ المقصود من الفقرتين صريحا نفي القلّة في الأوّل والكثرة في الثاني، وضمنا

1.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۱۰۰ .

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۳۲ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 108607
صفحه از 630
پرینت  ارسال به