471
البضاعة المزجاة المجلد الأول

(وكلّ عامل يعمل على بصيرة ومثال) . ۱
المثال : المقدار ، وصفة الشيء ، وقيل : أي كلّ من يعمل ما هو حقّ العمل إنّما يكون عمله على بصيرة ويقين وعلم بكيفيّة العمل وحقيّته وما يعمل له ، وعلى مثال يتمثّله في الذهن من الثمرة المقصودة لعمله ، أو على مثال من سبقه من العالمين والمقرّبين .
قال : ويحتمل أن يكون المراد بالعامل أعمّ ممّن يعمل الحقّ أو باطل ، فقوله : «على بصيرة» المراد به أعمّ ممّا هو باليقين أو الجهل المركّب ، والمراد بالمثال أعمّ من المضيّ على سبيل أهل الحقّ ، وطريق أهل الضلال .
ويحتمل أن يكون الواو في قوله: «ومثال» بمعنى «أو» ، أي كلّ عامل إمّا يعمل على بصيرة في الحقّ ، أو على مثال من سبق على وجه الضلال ، فاختر لنفسك أيّهما أحرى وأولى. ۲
(فكن مُرتاداً لنفسك) .
الارتياد: الطلب، والمراد به هنا طلب العمل على وجه التفكّر في أوّله وآخره ، وحسنه وقبحه ، ومورده ومأخذه، ولما كان العمل هو النافع أمره بطلبه ، كما أشار إليه بقوله: (لعلّك تفوز غداً يوم السؤال) ، وأمّا غيره من سائر الأعمال فلا ينفع يوم السؤال، بل يصير موجباً لمزيد الوبال والنكال.
(فهنالك يَخسر المبطلون) .
الخُسر والخسران: النقص ، والغبن في التجارة .
والمبطلون : الذين يبطلون أعمالهم بترك شرائطها، أو فعل ما يبطلها ، أو الذين يعملون بآرائهم وأهوائهم لا يدينون إلّا بدين أسلافهم وآبائهم.
(ألق كفّيك) .
قيل: أي في السجود على الأرض، أو عند القيام بمعنى إرسالها . ۳

1.في الحاشية : «هذا الكلام لضرورة أنّ كلّ عامل يتوجّه ذهنه إلى عمل معلوم ، ومثال متمثّل في خياله ، سواء كان ذلك العمل مستندا إلى وحي ربّانيّ ، أو اختراع نفسانيّ ، أو إلهام شيطاني . صالح «شرح المازندراني ، ج ۱۱ ، ص ۳۳۳» .

2.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۱۰۰ و۱۰۱ .

3.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ . ص ۱۰۱ .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
470

أهله، ويبقى عليه ما اكتسبوا من خير أو شرّ، ثمّ علّل الأخذ أو الموعظة بقوله: (فإنّ الدهر طويله قصير)؛ لسرعة انقضائه . ۱
(وقصيره طويل)؛ لإمكان تحصيل السعادات العظيمة الكثيرة الأبديّة في القليل منه .
وقيل: لطول الأمل فيه. ۲ وقيل: لعلّ المراد أنّ طويله قصير في نفس الأمر لسرعة زواله، ولأنّه الذي أنت فيه، وقصيره طويل باعتبار طول الحساب والجزاء، ولا يخفى لطف هذه الفقرة لإيهام حمل الشيء على ضدّه ظاهراً مع إفادة معنى لطيف، والمقصود منها الترغيب على العمل للآخرة ، ورفض الركون إلى الدنيا وعيشها. ۳
(وكلّ شيء فان) استئناف لبيان سابقه؛ فإنّ من علم وتيقّن فناء كلّ شيء من الدهر لم يلتفت إليه أصلاً.
وقيل: هما مرفوعان على الابتداء والخبر، معطوفان على محلّ اسم «إنّ» وخبرها، كما في قولك: إنّ زيداً قائم وعمرو قاعد ، أو الأوّل منصوب والثاني مرفوع عطفاً على لفظ اسم «إنّ» وخبرها. ۴
وقوله: (فاعمل كأنّك ترى ثواب عملك...) تفريع على ما ذكر من أخذ الموعظة، وفناء كلّ شيء؛ فإنّ العلم بذلك يقتضي الكدّ والاجتهاد في العمل الذي يرى بعين البصيرة ثوابه، ويتيقّن بحصوله، وهو العمل الخالص من شوب الرياء والسمعة، وتلك الرويّة ملزوم لتعلّق الطمع في الآخرة قطعاً.
(فإنّ ما بقي من الدنيا كما وَلّى منها) . يقال: ولّى تولية، إذا أدبر.
قيل: كأنّه تعليل لقوله: «وكلّ شيء فان»، وإشارة إلى أنّ الدهر يجري بالباقين كجَريه بالماضين، ويذهب دهر الباقين معهم كما ذهب دهر الماضين معهم، ويكون آخره كأوّله؛ إذ اُموره وأطواره متشابهة، وأفعاله وآثاره متناسبة، وطبيعته التي يعامل الناس بها قديماً وحديثاً متعاضدة يتبع بعضها بعضاً، وفيه تنبيه للسامعين ليتذكّروا أنّهم أمثال الماضين، وأنّهم لاحقون بهم، وتحريك لهم على العمل لما بعد الموت والاستعداد له. ۵

1.قاله المحقّق الفيض رحمه الله في الوافي ، ج ۲۶ ، ص ۱۲۹ .

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۳۳ .

3.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۳۳ .

4.قاله المحقّق المازندراني رحمه اللهفي شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۳۳ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 108604
صفحه از 630
پرینت  ارسال به