ونعيمها في كتبه وبألسِنَة رسله.
(فهو ينظر إليها ما يَفتر) .
كلمة «ما» نافية، والفتور: السكون بعد المدّة، واللين بعد الشدّة، والضعف، وفعله كنصر.
والمراد بالنظر البصيرة القلبيّة، والإدراك العقليّة.
(قد حالت شهوتها بينه وبين لذّة العيش) أي صارت لذّة الآخرة حائلاً بينه وبين لذّة عيش الدنيا؛ لأنّ ملاحظة فضل الآخرة على الدنيا والعلم بتفاوت ما بينهما يبعثه على العمل للآخرة ونيل مشتهياتها، ورفض لذّات عيش الدنيا.
(فأدلجته بالأسحار) .
الدَّلج ـ محرّكة ـ والدلجة بالضمّ والفتح: السير في أوّل الليل، وقد أَدْلَجُوا بالتخفيف، بأن ساروا في آخره ، فادّلجوا بالتشديد، نصّ عليه أهل اللغة.
وظاهر العبارة هنا استعماله متعدّيا بمعنى التيسير بالليل، والمعروف في كتب اللغة استعماله؛ لأنّها كما عرفت، ولعلّه هنا على الحذف والإيصال، أي أدلجت به أو معه وباعتبار تضمين معنى التصيير ، أي صيّرته شهوة الآخرة مدلجاً سائرا في آخر الليل مشتغلا بالعبادة ؛ لعلمه بأنّ تلك الشهوة لا تنال إلّا به .
(كفعل الراكب السابق ۱ ) بالباء الموحّدة.
(إلى غايته) أي خطره ومقصده؛ يعني كالراكب الذي يسابِق قرنه إلى الغاية التي يتسابقان إليها، وأصل الغاية المدى والنهاية .
وما قيل من أنّ المراد بها هنا الجنّة والفوز بالكرامة والقرب والوصال والحبّ أو الموت ۲ ، فساده يظهر بأدنى تأمّل.
وبالجملة شبّه سير ذلك المؤمن بسير الراكب السابق إلى غايته لعلمه بأنّها لا تنال إلّا به.
وقيل: يمكن أن يكون المشبّه به سير الراكب المسافر، والوجه هو الوصول إلى المطلوب والراحة والنجاة من الشدائد. ۳
1.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۱۰۲ .
2.في المتن الذي نقله الشارح رحمه الله وكلتا الطبعتين : «السائق» .
3.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۳۶ .