479
البضاعة المزجاة المجلد الأول

وقيل: فيه استعارة مكنيّة وتخييليّة بتشبيه دلالة الكتاب بنطق الناطق وصراخه، واستعاره الفعل له . ۱
وفي القاموس: «الصَّرخة: الصيحة الشديدة، وكغراب: الصوت، أو شديده» . ۲
وفي بعض النسخ: «صرّح» و«صراحا» بالحاء المهملة. قال الجوهري: «صرّح فلان بما في نفسه، أي أظهره، وشتمت فلاناً مصارحة وصراحا، أي مواجهة، والاسم: الصُّراح، بالضمّ». ۳
(فكيف تَرْقُد) بضمّ القاف، أي تنام على هذا، أي على ما ذكر من صراخ الكتاب بمصير الأمر وعاقبته.
وقوله: (العيون) بالرفع، فاعل «ترقد»، والاستفهام للتعجّب، أو للتوبيخ بترك التيقّظ ، ورفض الطاعة في ساعات الليل.
(أم كيف يجد قوم لذّة العيش) في الدنيا (وكيف يرضى بها لو لا التمادي في الغفلة) عمّا ذكر من صراخ الكتاب ومآل الأمر. والتمادي: التباعد في الغيّ والضلال.
(والاتّباع للشقوة، والتتابع للشهوة) .
قال بعض العلماء:
هذه الاُمور الثلاثة أسباب لنوم العين ووجدان لذّة العيش؛ لأنّها حجب ظلمانيّة مضروبة على الجوهر القدسي، مانعة له عن رؤية أحوال الآخرة، ولو قد كشفت تلك الحجب عنه لرآها بعين اليقين، وعلم أنّه من أين جاء، ولِمَ جاء، وإلى ما يصير.
واستعمل جميع الجوارح فيما يحتاج إليه بعد العود، فلا ينام ، ولا يجد لذّة العيش شوقا إلى درجات الآخرة ومثوباتها، وخوفاً من دركاتها وعقوباتها. ۴
(ومن دون هذا) .
قيل: أي من عند تمادي الخلق في الغفلة. ۵
(يجزع ۶ الصدّيقون)؛ لمشاهدتهم مخالفة الربّ، وصعوبتها عليهم.

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه اللهفي شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۳۸ .

2.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۲۶۳ (صرخ) .

3.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۳۸۲ (صرح) مع التلخيص واختلاف يسير .

4.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۳۸ .

5.في الحاشية عن بعض النسخ: «يفزع».


البضاعة المزجاة المجلد الأول
478

(ولا تكن جبّارا ظلوماً) .
الجبّار: كلّ عات متمرّد، والقتال في غير حقّ، والمتكبّر الذي لا يرى لأحد عليه حقّا.
والظلوم: فَعول من الظلم، وهو النقص : وضع الشيء في غير موضعه.
(ولا تكن للظالمين قريناً) أي مقارنا مصاحبا ؛ لأنّ صحبتهم تميت القلب، وتميل إلى الظلم والرضا به.
(يا موسى، ما عمر وإن طال يُذَمّ آخره) .
كلمة «ما» استفهاميّة، أيّ شيء عمر يذمّ آخره وإن طال. أو نافية بتقدير الخبر؛ أي ليس عمر ويذمّ آخره بعمر وإن طال.
وفيه على التقديرين ترغيب على رعاية حسن الخاتمة، وتحصيل ما يوجبه في كلّ وقت من أوقات العمر؛ لأنّه يحتمل أن يكون آخره.
وفي بعض النسخ: «يدوم» بدل «يذمّ»؛ أي لا يوجد عمر يدوم ولا ينقطع آخره وإن طال، فكلمة «ما» نافية.
وفي بعضها: «ما يذمّ» بزيادة «ما»، فيحتمل كون كلمة «ما» في الموضعين نافية؛ أي لا يوجد عمر لا يذمّ آخره بالفناء والانقطاع وإن طال.
ويحتمل كونها استفهاميّة في الأوّل، نافية في الثاني؛ أي أيّ عمر لا يذمّ آخره بما ذكر؟!
ويحتمل كونها نافية في الأوّل، موصولة أو خبريّة في الثاني؛ أي ليس بعمر ولا يحسب منه العمر الذي يذمّ آخره بالتضييع أو بالزوال وإن طال.
(وما ضرّك ما زُوي عنك إذ حُمدت مَغَبّته) أي ما ضرّك ما قبض منك، واُخذ أو نقص من المال والعمر وغيرهما إذا كانت عاقبته محمودة. يقال: زواه عنه، إذا نحّاه وقبضه. والمَغَبّة، بفتح الغين المعجمة وتشديد الباء الموحّدة: عاقبة الشيء، كالغِبّ بالكسر .
(يا موسى، صرخ الكتاب) بكسر الكاف، أي التوراة، أو كتاب الأعمال. أو بضمّها وتشديد التاء، أي الحفظة.
(إليك صُراخا بما أنت إليه صائر) بعد الموت من أحوال البرزخ والقيامة وأهوالهما ، ودرجات المطيعين ، ودركات العاصين.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 108568
صفحه از 630
پرینت  ارسال به