487
البضاعة المزجاة المجلد الأول

من قائل: «أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ» . ۱
وقوله: (لا يُخدع عن جنّته) أي لا يمكن دخولها بالخدعة، بل بالإيمان والطاعة.
والحاصل أنّه سبحانه ليس بجاهل ولا غافل عمّا يعمل العباد من الطاعة والمعصية، فيعاقب المطيع المستحقّ للجنّة والثواب، ويثيب العاصي المستوجب للحرمان والعقاب، كما هو شأن الجهلة من الناس، بل هو عالم بما يعمل العاملون، وأيّ مَجرى يَجرون، وإلى أيّ منقلب ينقلبون، فينزّل كلّ أحد منزلته اللائق به.

متن الحديث العاشر

۰.عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَيْثَمِ بْنِ أَشْيَمَ،۲عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام ، قَالَ:«خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ مُسْتَبْشِرٌ يَضْحَكُ سُرُوراً، فَقَالَ لَهُ النَّاسُ: أَضْحَكَ اللّهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللّهِ، وَزَادَكَ سُرُوراً.
فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ يَوْمٍ وَلَا لَيْلَةٍ إِلَا وَلِيَ فِيهِمَا ۳ تُحْفَةٌ مِنَ اللّهِ، أَلَا وَإِنَّ رَبِّي أَتْحَفَنِي فِي يَوْمِي هذَا بِتُحْفَةٍ لَمْ يُتْحِفْنِي بِمِثْلِهَا فِيمَا مَضى، إِنَّ جَبْرَئِيلَ أَتَانِي، فَأَقْرَأَنِي مِنْ رَبِّيَ السَّلَامَ، وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللّهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ اخْتَارَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ سَبْعَةً لَمْ يَخْلُقْ مِثْلَهُمْ فِيمَنْ مَضى، وَلَا يَخْلُقُ مِثْلَهُمْ فِيمَنْ بَقِيَ، أَنْتَ يَا رَسُولَ اللّهِ سَيِّدُ النَّبِيِّينَ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَصِيُّكَ سَيِّدُ الْوَصِيِّينَ، وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سِبْطَاكَ سَيِّدَا الْأَسْبَاطِ، وَحَمْزَةُ عَمُّكَ سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ، وَجَعْفَرٌ ابْنُ عَمِّكَ الطَّيَّارُ فِي الْجَنَّةِ يَطِيرُ مَعَ الْمَلَائِكَةِ حَيْثُ يَشَاءُ، وَمِنْكُمُ ۴ الْقَائِمُ يُصَلِّي عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ خَلْفَهُ إِذَا أَهْبَطَهُ اللّهُ إِلَى الْأَرْضِ مِنْ ذُرِّيَّةِ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ عليه السلام ».

1.البقرة (۲) : ۴۴ .

2.يحتمل أن يكون «أشيم» تصحيفاً أو سهواً من ناحية النسّاخ؛ لأنّ «عيثم بن أشيم» مجهول. ولا يبعد أن يكون الصواب: «عيثم بن أسلم» الذي أورده البرقي في رجاله، وروى عنه محمّد بن سليمان الديلمي. ويؤيّد هذا ما تقدّم في نفس الكافي، ج۱، ص۲۷۸، ح۳؛ وج۳، ص۳۹۷، ح۲ من رواية محمّد بن سليمان الديلمي عن عيثم بن أسلم النجاشي، فتأمّل.

3.في الحاشية عن بعض النسخ: «فيها».

4.في الحاشية عن بعض النسخ: «وفيكم».


البضاعة المزجاة المجلد الأول
486

(وكذلك السيّئة تأتي على الحسنة الجليلة) أي العظيمة . والجليل: ضدّ الحقير .
(فتُسوّدها) أي تكدّرها وتمحوها .
قيل: فيه دلالة على الإحباط ۱ . وفيه نظر بأن يكفي في التسويد والتكدير مجرّد تأخير الوصول إلى صاحبه، أو نقص كماله .

متن الحديث التاسع

۰.عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ؛ وَحُمَيْدُ بْنُ زِيَادٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكِنْدِيِّ جَمِيعاً؛ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمِيثَمِيِّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، قَالَ:قَرَأْتُ جَوَاباً مِنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ عليه السلام إِلى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ:
«أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللّهِ؛ فَإِنَّ اللّهَ قَدْ ضَمِنَ لِمَنِ اتَّقَاهُ أَنْ يُحَوِّلَهُ عَمَّا يَكْرَهُ إِلى مَا يُحِبُّ، وَيَرْزُقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ، فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَخَافُ عَلَى الْعِبَادِ مِنْ ذُنُوبِهِمْ، وَيَأْمَنُ الْعُقُوبَةَ مِنْ ذَنْبِهِ؛ فَإِنَّ اللّهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ لَا يُخْدَعُ عَنْ جَنَّتِهِ، وَلَا يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إِلَا بِطَاعَتِهِ إِنْ شَاءَ اللّهُ».

شرح

السند مقطوع مجهول.
قوله: (أمّا بعد) أي بعد الحمد والصلاة، وكأنّ عدم ذكرهما أوّلاً لكونهما معلومين بحسب المقام، أو أنّه عليه السلام ذكرهما في الجواب أوّلاً ولم يتعرّض المصنّف لذكرهما اختصاراً؛ لعدم تعلّق الغرض به هاهنا.
وقوله: (ممّن يخاف على العباد من ذنوبهم) .
«يخاف» على بناء المعلوم، أي يعلم قبح ذنوب العباد، ويحكم بكونهم في معرض الوبال والنكال. ۲
(ويأمن العقوبة من ذنبه) أي يغفل عن ذنب نفسه وما يترتّب عليه من العقوبة، كما قال عزّ

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۴۲ .

2.قال العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۱۰۶ : «ويمكن أن يقرأ على البناء للمفعول؛ أي له ذنوب يخاف على الناس العقوبة بذنوبه، وهو آمن، لكن يأبى منه إفراد الضمائر في الفقرة الثانية».

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 93395
صفحه از 630
پرینت  ارسال به