499
البضاعة المزجاة المجلد الأول

عَلى مَا رَزَقَهُمْ وَهُوَ أَهْلُ الْحَمْدِ، وَذَمُّوا أَنْفُسَهُمْ عَلى مَا فَرَّطُوا وَهُمْ أَهْلُ الذَّمِّ.
وَعَلِمُوا أَنَّ اللّهَ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ الْحَلِيمَ الْعَلِيمَ، إِنَّمَا غَضَبُهُ عَلى مَنْ لَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ رِضَاهُ، وَإِنَّمَا يَمْنَعُ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ عَطَاهُ، وَإِنَّمَا يُضِلُّ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ هُدَاهُ، ثُمَّ أَمْكَنَ أَهْلَ السَّيِّئَاتِ مِنَ التَّوْبَةِ بِتَبْدِيلِ الْحَسَنَاتِ، دَعَا عِبَادَهُ فِي الْكِتَابِ إِلى ذلِكَ بِصَوْتٍ رَفِيعٍ لَمْ يَنْقَطِعْ، وَلَمْ يَمْنَعْ دُعَاءَ عِبَادِهِ، فَلَعَنَ اللّهُ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللّهُ، وَكَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ، فَسَبَقَتْ قَبْلَ الْغَضَبِ، فَتَمَّتْ صِدْقاً وَعَدْلاً، فَلَيْسَ يَبْتَدِئُ الْعِبَادَ بِالْغَضَبِ قَبْلَ أَنْ يُغْضِبُوهُ، وَذلِكَ مِنْ عِلْمِ الْيَقِينِ وَعِلْمِ التَّقْوى، وَكُلُّ أُمَّةٍ قَدْ رَفَعَ اللّهُ عَنْهُمْ عِلْمَ الْكِتَابِ حِينَ نَبَذُوهُ، وَوَلَاهُمْ عَدُوَّهُمْ حِينَ تَوَلَّوْهُ، وَكَانَ مِنْ نَبْذِهِمُ الْكِتَابَ أَنْ أَقَامُوا حُرُوفَهُ، وَحَرَّفُوا حُدُودَهُ، فَهُمْ يَرْوُونَهُ، وَلَا يَرْعَوْنَهُ، وَالْجُهَّالُ يُعْجِبُهُمْ حِفْظُهُمْ لِلرِّوَايَةِ، وَالْعُلَمَاءُ يَحْزُنُهُمْ تَرْكُهُمْ لِلرِّعَايَةِ، وَكَانَ مِنْ نَبْذِهِمُ الْكِتَابَ أَنْ وَلَّوْهُ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ، فَأَوْرَدُوهُمُ الْهَوى، وَأَصْدَرُوهُمْ إِلَى الرَّدى، وَغَيَّرُوا عُرَى الدِّينِ، ثُمَّ وَرَّثُوهُ فِي السَّفَهِ وَالصِّبَا.
فَالْأُمَّةُ يَصْدُرُونَ عَنْ أَمْرِ النَّاسِ بَعْدَ أَمْرِ اللّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى، وَعَلَيْهِ يُرَدُّونَ، فَبِئْسَ ۱ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً وَلَايَةُ النَّاسِ بَعْدَ وَلَايَةِ اللّهِ، وَثَوَابُ النَّاسِ بَعْدَ ثَوَابِ اللّهِ، وَرِضَا النَّاسِ بَعْدَ رِضَا اللّهِ، فَأَصْبَحَتِ الْأُمَّةُ لِذلِكَ، ۲ وَفِيهِمُ الْمُجْتَهِدُونَ فِي الْعِبَادَةِ، عَلى تِلْكَ الضَّلَالَةِ مُعْجَبُونَ مَفْتُونُونَ، ۳ فَعِبَادَتُهُمْ فِتْنَةٌ لَهُمْ وَلِمَنِ اقْتَدى بِهِمْ، وَقَدْ كَانَ فِي الرُّسُلِ ذِكْرى لِلْعَابِدِينَ، إِنَّ نَبِيّاً مِنَ الْأَنْبِيَاءِ كَانَ يَسْتَكْمِلُ الطَّاعَةَ، ثُمَّ يَعْصِي اللّهَ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ فِي الْبَابِ الْوَاحِدِ، فَيَخْرُجَ ۴ بِهِ مِنَ الْجَنَّةِ، وَيُنْبَذُ بِهِ فِي بَطْنِ الْحُوتِ، ثُمَّ لَا يُنَجِّيهِ إِلَا ا لأْتِرَافُ وَالتَّوْبَةُ.
فَاعْرِفْ أَشْبَاهَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ الَّذِينَ سَارُوا بِكِتْمَانِ الْكِتَابِ وَتَحْرِيفِهِ، «فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ» ، ۵ ثُمَّ اعْرِفْ أَشْبَاهَهُمْ مِنْ هذِهِ الْأُمَّةِ الَّذِينَ أَقَامُوا حُرُوفَ الْكِتَابِ، وَحَرَّفُوا حُدُودَهُ، فَهُمْ مَعَ السَّادَةِ وَالْكُبُرَّةِ، فَإِذَا تَفَرَّقَتْ قَادَةُ الْأَهْوَاءِ كَانُوا مَعَ أَكْثَرِهِمْ دُنْيَا، وَذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ، لَا يَزَالُونَ كَذلِكَ فِي طَبَعٍ وَطَمَعٍ، لَا يَزَالُ يُسْمَعُ صَوْتُ إِبْلِيسَ عَلى أَلْسِنَتِهِمْ بِبَاطِلٍ كَثِيرٍ، يَصْبِرُ مِنْهُمُ الْعُلَمَاءُ عَلَى الْأَ ذى وَالتَّعْنِيفِ، وَيَعِيبُونَ عَلَى الْعُلَمَاءِ بِالتَّكْلِيفِ.

1.في الطبعة الجديدة وجميع النسخ التي قوبلت فيها وشرح المازندراني: «بئس» بدون الفاء.

2.في الحاشية عن بعض النسخ والطبعة القديمة: «كذلك».

3.في الحاشية عن بعض النسخ: «مفتنون».

4.في الطبعة القديمة: «فخرج».

5.البقرة (۲): ۱۶.


البضاعة المزجاة المجلد الأول
498

على النسّاخ، وأدخلوه في المتن كما ستطّلع عليه فيما نذكره من كتاب الاختصاص ، وعلى تقدير كونه جزء الخبر فالظاهر أنّ الضمير راجع إلى الهارب من أهل الشام، وهو رئيس الهاربين.
والاُمويّ، بضمّ الهمزة وفتح الميم، وربّما فتحوا الهمزة أيضاً: منسوب إلى اُميّة قبيلة من قريش، بحذف [التاء و] الياء الزائدة، وقُلبت الأخيرة واواً كراهة اجتماع أربع ياءات ، ومنهم من يقول : اُميّيّ بأربع ياءات.
وفي القاموس:
الرُّحبة، بالضمّ : ماءة بأجأ، وبئر في ذي ذروان من أرض مكّة، وقرية حذّاء القادسيّة، وواد قرب صنعاء، وناحية بين المدينة والشام ، وبالفتح: رحبة مالك بن طَوق على الفرات ، وقرية بدمشق، ومحلّة بالكوفة، وموضع ببغداد، وواد وموضع بالبادية، وقرية باليمامة، وصحراء بها أيضاً فيها مياه وقرى . ۱

متن الحديث السادس عشر

(رسالة أبي جعفر عليه السلام إلى سعد الخير)

۰.مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ بَزِيعٍ، عَنْ عَمِّهِ حَمْزَةَ بْنِ بَزِيعٍ؛ وَالْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللّهِ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ قَالَ:كَتَبَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام إِلى سَعْدٍ الْخَيْرِ:
«بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللّهِ؛ فَإِنَّ فِيهَا السَّلَامَةَ مِنَ التَّلَفِ، وَالْغَنِيمَةَ فِي الْمُنْقَلَبِ، إِنَّ اللّهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ يَقِي بِالتَّقْوى عَنِ الْعَبْدِ مَا عَزَبَ عَنْهُ عَقْلُهُ، وَيُجْلِي بِالتَّقْوى عَنْهُ عَمَاهُ وَجَهْلَهُ، وَبِالتَّقْوى نَجَا نُوحٌ وَمَنْ مَعَهُ فِي السَّفِينَةِ، وَصَالِحٌ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الصَّاعِقَةِ؛ وَبِالتَّقْوى فَازَ الصَّابِرُونَ، وَنَجَتْ تِلْكَ الْعُصَبُ مِنَ الْمَهَالِكِ، وَلَهُمْ إِخْوَانٌ عَلى تِلْكَ الطَّرِيقَةِ، يَلْتَمِسُونَ تِلْكَ الْفَضِيلَةَ، نَبَذُوا طُغْيَانَهُمْ مِنَ الْاءِيرَادِ ۲ بِالشَّهَوَاتِ، لِمَا بَلَغَهُمْ فِي الْكِتَابِ مِنَ الْمَثُلَاتِ، حَمِدُوا رَبَّهُمْ

1.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۷۲ (رحب) مع التلخيص .

2.في الحاشية عن بعض النسخ: «الالتذاذ».

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 108505
صفحه از 630
پرینت  ارسال به