وَأَسْتَبْقِيكَ، وَلَيْسَ الْحَلِيمُ الَّذِي لَا يَتَّقِي أَحَداً فِي مَكَانِ التَّقْوى، وَالْحِلْمُ لِبَاسُ الْعَالِمِ، فَلَا تَعْرَيَنَّ مِنْهُ، وَالسَّلَامُ».
شرح
السند الأوّل صحيح على قول، لكن فيه كلام ستعرفه. والسند الثاني مجهول مرسل.
قوله: (رسالة أبي جعفر عليه السلام إلى سعد الخير) .
الإرسال: الإطلاق، والتوجيه، والاسم: الرسالة بالكسر والفتح . قال بعض الشارحين: سعد الصاحب لأبي جعفر عليه السلام كثير، ولم أعرف أحداً منهم بهذا اللقب. ۱
أقول: روى المفيد رحمه الله في كتاب الاختصاص بإسناده عن أبي حمزة الثمالي، قال : دخل سعد بن عبد الملك ـ وكان أبو جعفر عليه السلام يسمّيه سعد الخير، وهو من ولد عبد العزيز بن مروان ـ على أبي جعفر عليه السلام ، فبينا ينشج كما تنشج النساء ، فقال له أبو جعفر : «ما يبكيك يا سعد ؟» قال : وكيف لا أبكي وأنا من الشجرة المعلونة في القرآن ، فقال له : «لستَ منهم، أنت اُمويّ منّا أهل البيت؛ أما سمعت قول اللّه ـ عزّ وجلّ ـ يحكي عن إبراهيم : «فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي» ؟! ۲ » انتهى . ۳
ويظهر منه أنّ أبا جعفر في هذا السند الآتي أبو جعفر الأوّل عليه السلام ، ففي السند إرسال؛ لأنّ الشيخ عدّ في رجاله حمزة بن بزيع من أصحاب الرضا عليه السلام .
قوله : (كتب أبو جعفر عليه السلام ) . الأنسب «قالا» بلفظ التثنية، وإن كان للإفراد أيضاً وجه.
والظاهر أنّ لفظة «في» في قوله : (فإنّ فيها السلامة من التلف) للظرفيّة، ويحتمل السببيّة .
والتلف: الهلاك، والفناء، وهو إمّا بالآفات، أو بالخصومات، أو بدواعي الشهوات وما يترتّب عليها من الوبال والنكال .
(والغنيمة في المنقلب) .
الغنيمة: الفوز بالشيء بلا مشقّة ، والمراد هنا الفوز بنجاة الدنيا والآخرة، والفلاح من عقوباتها، والوصول إلى مقام القُرب والسعادة .