503
البضاعة المزجاة المجلد الأول

وصالح ومن معهما وأضرابهم، والذين صبروا على المحن والشدائد .
(ولهم) أي للجماعة المذكورة (إخوان) في هذا الزمان، أو في هذه الاُمّة .
(على تلك الطريقة) أي طريقة التقوى وما يترتّب عليها .
(يلتمسون تلك الفضيلة) أي فضيلة التقوى وثمراتها، فيكون كالتأكيد لسابقه ، أو يحمل الأوّل على الاُولى ، والثاني على الثانية .
وقيل : لعلّ المراد بالإخوان أرباب الإيقان من أصحاب الرسول وأمير المؤمنين وأولاده الطاهرين عليهم السلام ومن تبعهم إلى يوم الدِّين . ۱
(نبذوا طغيانهم من الإيراد) .
في بعض النسخ: «من الالتذاذ» ، وعلى التقديرين لفظة «من» بيانيّة، أو ابتدائيّة؛ أي الطغيان الناشئ عنه .
(بالشهوات) . لعلّ المراد إيراد الأنفس على المهالك بسبب الشهوات زيادة عن قدر الضرورة . قال الجوهري : «نبذه ينبذه: ألقاه من يده ، ونبّذ مبالغة» . ۲
وقال : «طغا يطغي ويطغو طغياناً؛ أي جاوز الحقّ، وكلّ مجاوزٍ حدّه في العصيان طاغ، وطغى يطغى مثله» . ۳
(لما بلغهم في الكتاب) أي في القرآن، أو الأعمّ منه .
(من المَثُلات) أي العقوبات الواردة على أهل الطغيان والعدوان . قال الجوهري : «المَثلة، بفتح الميم وضمّ الثاء: العقوبة، والجمع: المَثُلات» . ۴
(حمدوا ربّهم على ما رزقهم) من التقوى، والتوفيق للخيرات، والعصمة من اللذّات والشهوات، أو مطلقاً .
(وهو أهل الحمد) أي حقيق به بحسب الذات، وبما أنعمهم من التقوى والقُدَر على الخيرات .
وقوله : (وهم أهل الذمّ)؛ لأنّهم وإن بذلوا وسعهم في عبادة معبودهم لم يخرجوا عن مرتبة التقصير، وما عبدوه حقّ عبادته .

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۵۰ .

2.راجع: الصحاح ، ج ۲ ، ص ۵۷۱ (نبذ) .

3.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۴۱۲ (طغا) .

4.الصحاح ، ج ۵ ، ص ۱۸۱۶ (مثل) .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
502

و«المنقلب» بفتح اللام للمصدر والمكان .
وقوله عليه السلام : (إنّ اللّه عزّ وجلّ يقي ...) تعليل لمضمون الفقرتين وتأكيدهما . وفي بعض النسخ: «نفى» بالنون والفاء، بدل «يقي» .
وقوله : (ما عزب عنه عقله) أي غاب، وبعُد عن إدراكه عقله من خزي الدنيا وآفاتها وعقوبات الآخرة ومهلكاتها، كما يفهم من الفقرات الآتية .
قال الجوهري : «عزب عنّي فلان يَعزُب، ويَعْزِب، أي بعُد، وغاب» . ۱
(ويُجلي بالتقوى عنه عماه وجهله) .
العطف للتفسير . قال في القاموس: «جلى فلاناً الأمر: كشفه، كجلّاه، وجلّى عنه». ۲ وقال: «العمى أيضاً: ذهاب بصر القلب» . ۳
(وبالتقوى نجا نوح ومن معه ...) .
قيل : فيه دلالة على أنّ التقوى ـ وإن لم يكن في نهاية الكمال ـ حرز من التلف والهلاك؛ ضرورة أنّ تقوى قوم نوح وقوم صالح لم يكن في مرتبة تقواهما، بل على أنّ التقوى هي تصديق الرسول ومتابعته في جميع ما جاء به ، فالشيعة مشتركون في أصل التقوى وإن اختلفوا في درجاتها . ۴
قال الفيروزآبادي : «الصاعقة: الموت، وكلّ عذاب مهلك ، وصيحة العذاب، والمخراق الذي بيد الملَك سائق السحاب، ولا يأتي على شيء إلّا أحرقه، أو نار تسقط من السماء» . ۵
(وبالتقوى فاز الصابرون) أي الذين صبروا على المصيبات ومشقّة الطاعات . يُقال : فاز منه، أي نجا؛ وفاز به، أي ظفر ؛ فعلى الأوّل المراد فوزهم من المهالك الدنيويّة والعقوبات الاُخرويّة ، وعلى الثاني ظفرهم بالخيرات الدنيويّة والمثوبات الاُخرويّة .
(ونجت تلك العصب من المهالك) .
في القاموس: «العَصَب، محرّكة: خيار القوم وأشرافهم» . ۶
ويحتمل أن يقرأ «عُصب» كغُرف، جمع العُصبة، بمعنى الجماعة ، ولعلّ المراد بهم نوح

1.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۱۸۱ (عزب) .

2.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۱۳ (جلي) .

3.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۶۶ (عمي) .

4.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۵۰ .

5.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۲۵۳ (صعق) .

6.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۱۰۴ (عصب) .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 110434
صفحه از 630
پرینت  ارسال به