يبدّل ملَكَة المعصية في النفس بملَكَة الطاعة . ۱
وقيل : بأن يوفّقه لأضداد ما سلف منه، أو بأن يثبت له مكان كلّ سيّئة حسنة ، وفي بعض أخبارنا ما يدلّ على الأخير. ۲
وقيل : أصل التوبة الخالصة، والعفو عن السيّئة بعدها، والثواب بها، وستره عليه حسنات مبدّلة من السيّئات . ۳
(دعا عباده في الكتاب) العزيز (إلى ذلك) التوبة (بصوت رفيع لم ينقطع) أبد الدهر، في مواضع عديدة منها قوله تعالى : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللّهِ تَوْبَةً نَصُوحا» . ۴
(ولم يمنع دعاء عباده) من القبول، بل وعدهم الإجابة في قوله : «ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ» ، ۵ أو لم يمنعهم من الدعاء ، ولعلّ الثاني أظهر .
وقيل : الصوت الرفيع الغير المنقطع كناية عن شهرة القرآن وتواتره وبلوغه كلّ أحد إلى يوم القيامة ، وعدم منع الدعاء عبارة عن بقاء حكمه وبقاء أهله الداعين إليه، ۶ وفيه بُعد لا يخفى .
(فلعن اللّه الذين يكتمون ما أنزل اللّه ) .
قيل : لعلّ المراد بهم المجبّرة المنكرون لما تقدّم . ۷ وقيل : أشار به إلى أعداء الداعين إلى اللّه ؛ فإنّهم يكتمون فضلهم، ويحوّلون بينهم وبين دعائهم إلى اللّه ظاهراً من دون خوف . ۸
(وكتب على نفسه الرحمة) ۹ ؛ أي ألزمها عليها، أو فرضها، أو قدّرها .
(فسبقت قبل الغضب) .
الضمير المستتر للرحمة؛ يعني أنّها وصلت قبل وصوله إلى الخلق من حيث الوقوع،
1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۵۱ .
2.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۱۱۴ .
3.راجع: مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۱۱۴ .
4.التحريم (۶۶): ۸.
5.غافر(۴۰): ۶۰.
6.قاله المحقّق الفيض رحمه الله في الوافي ، ج ۲۶ ، ص ۹۲ .
7.قاله المحقّق الفيض رحمه اللهفي الوافي ، ج ۲۶ ، ص ۹۳ .
8.قال المحقّق المازندراني رحمه الله: «وهي تستعمل تارة في الرقّة المجرّدة عن الإحسان، وتارة في الإحسان المجرّد عن الرقّة، وهو المراد هنا؛ لأنّ اللّه الملك المتعال لا يوصف برقّة الطبع والانفعال» .