والمراد هنا ما يتمسّك به من اُمور الدين التي هي أركانه وقوانينه، شبّهت بالعرى لأنّ المستمسك بها متسمسك بالدين، فتشبّهت به .
ثمّ إنّه عليه السلام أشار إلى أنّ هؤلاء المضلّين لم يكتفوا بالإيراد إلى الهوى وما عطف عليه في حال حياتهم، بل ورّثوه من بعدهم من أضرابهم، وجعلوه أصلاً وقانوناً لهم ، فقال : (ثمّ ورّثوه) أي الدين، أو الكتاب .
(في السفه والصِّبا) .
«السَّفَه» محرّكة: ضدّ الحلم، أو خفّته، أو نقيضه، أو الجهل ، وأصله الخفّة، والحركة .
و«الصِّبا» بالكسر والقصر، أو بالفتح والمدّ، من الصَّبْوة، وهي الميل إلى جهل الفتوّة . يُقال : صَبي ـ كرضي ـ صبىً بالكسر، أي فَعَل فِعل الصبيّ ، وصبا إليه ـ كغذا ـ صَبْواً وصباء بالفتح، أي حنّ قلبه إليه، واشتاق .
وقيل : كلمة «في» للتأكيد، كما في قوله تعالى : «ارْكَبُوا فِيهَا» ، ۱ أو متعلّق بالتوريث بتضمين معنى الجعل أو الوضع . ۲
وقيل : الظرف في موضع الحال، أي ورّثوه في حال السفه والصبا . ۳
(فالاُمّة يصدرون) بضمّ الدال، أي يرجعون (عن أمر الناس) .
قال بعض الشارحين :
المراد بالاُمّة التابعة، وبالناس المخالفون ؛ أي يرجعون عن أمرهم مع كدرة مشربهم .
(بعد أمر اللّه تبارك وتعالى) بولاية أمير المؤمنين عليه السلام (وعليه يردّون) ؛ من الردّ، أي على اللّه يردّون أمره، ولا يأخذون أمر الناس ، والظاهر أنّ الواو للحال ، انتهى كلامه . ۴
وقال بعض الأفاضل :
معنى قوله : «أمر اللّه » بعد الاطّلاع عليه، أو بعد صدور أمره تعالى أو تركه . وقال : والورود والصدور كنايتان عن الإتيان للسؤال والأخذ والرجوع بالقبول . انتهى . ۵
ويظهر منه أنّ «يَرِدُون» من الورود .
1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۵۳ .
2.هود(۱۱): ۴۱.
3.اُنظر: مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۱۱۶ .
4.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۵۴ .
5.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۱۱۶ .