511
البضاعة المزجاة المجلد الأول

(وفيهم المجتهدون) أي المسارعون (في العبادة).
العبادة: الطاعة ، وإنّما سمّي أعمالهم الفاسدة عبادة باعتبار التشاكل الاسمي عرفاً، أو التشابه الصوري ظاهراً، أي بالنظر إلى معتقدهم .
(على تلك الضلالة) أي حال كونهم ثابتين عليها غير مفارقين عنها .
وقيل: فيه تنبيه على أنّ عبادتهم واجتهادهم فيها لا ينفعهم، كعبادة اليهود والنصارى . 1
(مُعجَبون) بفتح الجيم. قال الجوهري : «أعجبني هذا الشيء لحسنه ، وقد اُعجب فلان بنفسه، فهو مُعجَب برأيه وبنفسه ، والاسم: العُجب، بالضمّ»؛ 2 يعني أنّهم يُعْجَبون بعملهم بتزيين الشيطان إيّاه ليزداد حسرتهم يوم القيامة حين يرونه هباءً منثوراً .
(مفتونون)؛ لافتتان الشيطان لهم، وإضلال بعضهم بعضاً بالحثّ عليه . قال الجوهري : «فُتِنَ، فهو مفتون، إذا أصابته فتنة، فذهب ماله أو عقله، وكذلك إذا اختُبِرَ ، قال اللّه تعالى : «وَفَتَنَّاكَ فُتُونا» 3 » .
وفي القاموس:
الفتنة، بالكسر: الخبرة ، وإعجابك بالشيء، والضلال، والإثم، والكفر، والفضيحة، والعذاب، والإضلال، والمحنة . وفتنه: أوقعه في الفتنة، كفتّنه، وأفتنه، فهو مُفتن ومفتون، ووقع فيها، لازم متعدٍّ . 4
وقوله : (فعبادتهم فتنة لهم) .
قيل : أي محنة وبليّة ابتلوا بها مع مشقّة شديدة، أو سبب لزيادة ميلهم عن الحقّ إلى الباطل، من فتن المالُ الناسَ ـ من باب ضرب ـ فُتوناً: استمالهم إلى مفاسده . 5
وقال : (ذكر 6 للعابدين) . في بعض النسخ: «ذكرى» .
قال الفيروزآبادي : «الذكر، بالكسر: الحفظ للشيء، وتذكّره، واُذكره إيّاه وذكّره، والاسم: الذكرى ، وقوله تعالى : «وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ» 7 اسم للتذكير ، «وَذِكْرى لِاُوْلِي

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۵۴ .

2.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۱۷۷ (عجب) .

3.طه(۲۰): ۴۰.

4.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۲۵۵ (فتن) .

5.في المتن الذي نقله الشارح رحمه الله سابقاً: «ذكرى».

6.الأعراف(۷): ۲؛ هود(۱۱): ۱۲۰.


البضاعة المزجاة المجلد الأول
510

وأقول أيضاً من السياق: أنّ المراد بالاُمّة الاُمّة العاصية ، وبالناس أهل الحقّ والعدل ، و«يردّون» من الردّ؛ أي الاُمّة الضالّة يرجعون عن أمر اللّه بمتابعته بعد رجوعهم عن أمر اللّه وحكمه، ويردّون على اللّه أمره وحكمه، ولا يقبلونه .
قال الفيروزآبادي : «ردّ عليه: لم يقبله وخطّأه» . ۱
ويؤيّد ما ذكرناه قوله : «بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً»۲ من باب وضع الظاهر موضع الضمير؛ للتصريح بظلمهم، ووضعهم الباطل موضع الحقّ .
قال بعض المفسّرين في قوله تعالى : «بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً» : أي بدلاً من اللّه إبليس وذرّيّته. ۳ فجعلوا المخصوص بالذمّ شياطين الجنّ ، وقال عليه السلام : (المخصوص بالذمّ).
(ولاية الناس) أي الولاية التي اختاروها لأنفسهم بنَصب الجاهل.
(بعد ولاية اللّه ) التي اختارها لهم من ولاية وليّ الأمر ، والظاهر أنّ إضافة الولاية في الأوّل إلى المفعول ، وفي الثاني إلى الفاعل .
(وثواب الناس) عطف على «ولاية الناس» ؛ أي أجرهم ورضاهم، وما في أيديهم من متاع الدنيا .
(بعد ثواب اللّه ) أي بعد تركهم ثوابه، يعني عطاءه وجزاءه، أو بعد إعراضهم عنه ، وأصل الثواب: الجزاء .
(ورضا الناس بعد رضا اللّه ) .
الرضا: ضدّ السخط . قال الجوهري : «رضيت عنه رِضاً، مقصورٌ، مصدر محض، والاسم: الرضاء، ممدود» . ۴
(فأصبحت الاُمّة) . اللام للعهد، أي صارت الاُمّة العاصية الضالّة المضلّة.
(لذلك)، إشارة إلى صفاتهم الذميمة السابقة من نبذهم الكتاب وتغيير حدوده ونحوهما . والظاهر أنّ الظرف خبر «أصبحت» ، والباء للاختصاص . وفي بعض النسخ: «كذلك» وهو أظهر .

1.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۲۹۴ (ردد) .

2.الكهف(۱۸): ۵۰.

3.راجع: جامع البيان، ج۱۵، ص۳۲۶؛ تفسير البغوي ، ج ۳ ، ص ۱۶۷ ؛ تفسير البيضاوي ، ج ۳ ، ص ۵۰۴ .

4.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۳۵۷ (رضا) .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 109860
صفحه از 630
پرینت  ارسال به