(لا يزال يُسمع) على البناء للمفعول .
(صوتُ إبليس على ألسنتهم بباطل كثير) .
الباء للتلبّس، أو للسببيّة، وجعل صوتهم صوت إبليس ؛ لأنّه حصل من وسوسة ونفخة في صدورهم ، فكأنّ حصائد ألسنتهم عين صوته لكماله في السببيّة .
وقيل: في اختيار «على» دون «من» تنبيه على استيلائه عليهم، وكونهم مقهورين لحكمه . ۱
(يصبر منهم العلماء) أي علماء العدل والحقّ ، وضمير الجمع للأشباه .
(على الأذى والتعنيف) أي على إضرارهم وتشديدهم إيصال المكروه إليهم.
وأصل الأذى: المكروه . والتعنيف: التقريع، وهو اللؤم الشديد . وقيل: المبالغة في الغلظة والشدّة . ۲
وفي بعض النسخ: «التعسّف» . قال الفيروزآبادي : «عسف عن الطريق: مالَ، وعدل، كاعتسف، وتعسّف، أو خبطه على غير هداية، والسلطانُ: ظلم، وفلاناً: استخدمه» . ۳
(ويعيبون على العلماء بالتكليف) أي بسبب أنّ علماء العدل يكلّفونهم بقوانين الشرع، ورفض البدع والأهواء المضلّة، أو بتكليفهم الخلق، ودعوتهم إلى الحقّ .
(والعلماء في أنفسهم) أي في حدّ ذاتهم .
(خانة): جمع خائن، وأصله فعلة بالتحريك . وفي القاموس: «الخَون: أن يؤتمن الإنسان فلا ينصح، خانه خوناً وخيانةً فهو خائن، الجمع: خانَةٌ، وخَوَنَةٌ، وخُوّانٌ» . ۴
(إن كتموا النصيحة) أي الهداية والإرشاد إلى ما فيه خير الدارين وصلاح النشأتين .
(إن رأوا تائهاً ضالّاً لا يهدونه) .
التّيه: الضلال ، وتاه في الأرض، أي ذهب متحيّراً، فهو تائه .
إذا عرفت هذا فاعلم أنّه يحتمل أن يكون جزاء هذا الشرط قوله : (فبئس ما يصنعون)، ويكون الجملة الشرطيّة تأكيداً للجملة السابقة وبياناً لها ، ولذا ترك العاطف، أو يكون بياناً لكتمان النصيحة وتفسيراً له، ويكون قوله : «فبئس ما يصنعون» جزاء شرط محذوف؛
1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۵۶ .
2.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۱۷۵ (عسف) .
3.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۲۲۰ (خون) .