515
البضاعة المزجاة المجلد الأول

(لا يزال يُسمع) على البناء للمفعول .
(صوتُ إبليس على ألسنتهم بباطل كثير) .
الباء للتلبّس، أو للسببيّة، وجعل صوتهم صوت إبليس ؛ لأنّه حصل من وسوسة ونفخة في صدورهم ، فكأنّ حصائد ألسنتهم عين صوته لكماله في السببيّة .
وقيل: في اختيار «على» دون «من» تنبيه على استيلائه عليهم، وكونهم مقهورين لحكمه . ۱
(يصبر منهم العلماء) أي علماء العدل والحقّ ، وضمير الجمع للأشباه .
(على الأذى والتعنيف) أي على إضرارهم وتشديدهم إيصال المكروه إليهم.
وأصل الأذى: المكروه . والتعنيف: التقريع، وهو اللؤم الشديد . وقيل: المبالغة في الغلظة والشدّة . ۲
وفي بعض النسخ: «التعسّف» . قال الفيروزآبادي : «عسف عن الطريق: مالَ، وعدل، كاعتسف، وتعسّف، أو خبطه على غير هداية، والسلطانُ: ظلم، وفلاناً: استخدمه» . ۳
(ويعيبون على العلماء بالتكليف) أي بسبب أنّ علماء العدل يكلّفونهم بقوانين الشرع، ورفض البدع والأهواء المضلّة، أو بتكليفهم الخلق، ودعوتهم إلى الحقّ .
(والعلماء في أنفسهم) أي في حدّ ذاتهم .
(خانة): جمع خائن، وأصله فعلة بالتحريك . وفي القاموس: «الخَون: أن يؤتمن الإنسان فلا ينصح، خانه خوناً وخيانةً فهو خائن، الجمع: خانَةٌ، وخَوَنَةٌ، وخُوّانٌ» . ۴
(إن كتموا النصيحة) أي الهداية والإرشاد إلى ما فيه خير الدارين وصلاح النشأتين .
(إن رأوا تائهاً ضالّاً لا يهدونه) .
التّيه: الضلال ، وتاه في الأرض، أي ذهب متحيّراً، فهو تائه .
إذا عرفت هذا فاعلم أنّه يحتمل أن يكون جزاء هذا الشرط قوله : (فبئس ما يصنعون)، ويكون الجملة الشرطيّة تأكيداً للجملة السابقة وبياناً لها ، ولذا ترك العاطف، أو يكون بياناً لكتمان النصيحة وتفسيراً له، ويكون قوله : «فبئس ما يصنعون» جزاء شرط محذوف؛

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۵۶ .

2.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۱۷۵ (عسف) .

3.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۲۲۰ (خون) .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
514

وقال : «قَعيد النسب، وأقعدُ: قريب الآباء من الجدّ الأكبر» . ۱ انتهى . أي هم مع أهل السيادة والغلبة والدولة والسلطنة، يعني سلاطين الجور وأعوانهم يدورون معهم حيث داروا، وينقادون لهم فيما أرادوا طمعاً فيما بأيديهم .
وفي بعض النسخ : «والكثرة» بالثاء المثلّثة، وهي بالفتح، وقد يكسر: ضدّ القلّة .
(فإذا تفرّقت وتشعّبت قادة الأهواء) .
القادَة: جمع القائدة . وقادة الأهواء المنهمكون في الآراء والأهواء النفسانيّة القائدون لمَنْ تأسّى بهم إليها .
(كانوا مع أكثرهم دُنيا) نصب على التمييز، والحاصل أنّهم أعرضوا عن الحقّ وأهله مطلقاً، وكانوا مع الباطل وأهله، فإذا تعدّدت أهاليه وتكثّرت سلاطينه وعظماؤه مالوا إلى من هو أكثر مالاً وأعزّ نفراً ؛ لأنّ مطلوبهم عنده أكثر وحصوله منه أوفر .
(وذلك) إشارة إلى ما ذكر من متابعتهم الأهواء، وكونهم مع الدنيا وأهلها .
(مبلغهم من العلم) أي ما بلغوه بسبب علمهم ؛ أي ليس لعلمهم ثمرة سوى هذه، أو لم يحصل لهم سوى ذلك من العلم ، والظاهر أنّه إشارة إلى قوله تعالى : «فَأَعْرِضْ عَمَّنْ تَوَلّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنْ الْعِلْمِ» . ۲
قال بعض المفسّرين : «ذلك؛ أي أمر الدنيا، أو كونها شهيّة مبلغهم من العلم، لا يتجاوزه علمهم» ، قال : «والجملة اعتراض مقرّر لقصور همّتهم بالدنيا» . ۳
(لا يزالون كذلك في طبع) بسكون الباء، أو بتحريكها (وطمع) أي حرص في الدنيا وزخارفها .
وفي القاموس: «طبع عليه، كمنع: ختم. والطِّبعُ، بالكسر: الصدأ والدَّنَس ، ويحرّك. أو بالتحريك: الوسخ الشديد من الصدأ، والشين، والعيب» ۴ .
فلو اُريد من الطبع الختم فليس على حقيقته، بل جعل قلوبهم بحيث لا يفهم شيئاً من الحقّ، ولا يدخل فيها أصلاً ، ولو اُريد منه الوسخ والدنس فالمراد به العقائد الخبيثة، والضمائر الكثيفة، والأعمال القبيحة، والأطوار الشنيعة .

1.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۳۲۸ (قعد) .

2.النجم(۵۳): ۲۹ و۳۰.

3.تفسير البيضاوي ، ج ۵ ، ص ۲۵۸ .

4.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۵۸ (طبع) .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 109842
صفحه از 630
پرینت  ارسال به