517
البضاعة المزجاة المجلد الأول

والتقوى بالعفو والإغضاء ومتابعة الأمر ومجانبة الهوى، والإثم بالذنب والخمر والقمار وكلّ ما لا يحلّ من العمل، والعدوان بالظلم .
(فالعلماء) العدل (من الجهّال) أي أشباه الأحبار، أو أتباعهم الجهلة أيضاً، ومن تعنيفهم وإيذائهم وعدم قبولهم الحقّ (في جهد) ومشقّة .
قال الجوهري : «الجَهد والجُهد: الطاقة . قال الفرّاء : الجُهد، بالضمّ: الطاقة، وبالفتح: المشقّة ». ۱
(وجهاد) أي مجاهدة، وسعي، واهتمام معهم في تطويعهم إلى الحقّ، وصرف قلوبهم عن الباطل بالحكمة والموعظة الحسنة .
ثمّ بيّن عليه السلام معنى الجهد والجهاد معهم وثمرتها بقوله : (إن وَعَظَتْ) العلماء أحداً من تلك الجهّال (قالوا: طبعَتْ) أي دنست وخبثت تلك العلماء ، والتأنيث باعتبار الجماعة .
أو المراد: طبعت قلوبهم، فإن اُريد بالطبع هنا الختم فيحتمل كون «طبعت» على بناء المجهول، جملة دعائيّة . قال الجوهري :
الطبع: الختم، وهو التأثير في الطين ونحوه ، وطبعتُ على الكتاب، أي ختمت. والطبع، بالتحريك: الدنس، تقول منه: طبع الرجل بالكسر، وطبع السيف، أي علاه الصدأ. ۲
قالوا ذلك لعدم موافقته بطبائعهم الكثيفة، وزعمهم بطلانه .
وفي بعض النسخ: «طغت» بغين المعجمة، أي جاوزوا الحدّ في ذلك، وبالغوا أكثر ممّا ينبغي .
وفي بعضها: «طغيت» . قال الجوهري : «طغى يطغى ويطغو، أي جاوز الحدّ، وكلّ مجاوز حدّه في العصيان طاغ، وطغى يطغى مثله» . ۳
(وإن علّموا الحقّ الذي تركوا، قالوا: خالفت) أي خالفت مشايخنا وأكابرنا، أو عامّة الناس؛ لشيوع الباطل بينهم وزعمهم حقّيّة بطلانهم .
ويحتمل أن يكون «خالفت» من قولهم: هو خالفة أهل بيته وخالفهم، أي غير نصيب لا خير فيه، أومن الخالفة والخالف بمعنى الأحمق .

1.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۴۱۲ (طغا) .

2.الصحاح ، ج ۲ ، ص ۴۶۰ (جهد) مع التلخيص .

3.الصحاح ، ج ۳ ، ص ۱۲۵۲ (طبع) .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
516

أي إن فعلوا ذلك (فبئس ما يصنعون).
وعلى التقديرين تعود الضمائر المرفوعة في «رأوا» وما بعده إلى العلماء . ويحتمل أن يكون «إن رأوا» استئناف كلام لبيان حال الأحبار والرهبان ، وقوله : «لا يهدونه» جزاء الشرط ، وقوله : «فبئس» تفريعاً عليه ، ويكون ضمير الفاعل في «رأوا» وما بعده عائداً إلى الأحبار والرهبان أو أشباههم ؛ أي إنّهم يعيبون على العلماء تكليفهم إلى الحقّ لكونه خلاف طريقهم؛ فإنّهم إن رأوا تائهاً لا يهدونه بالجملة هداية التائه المتحيّر في أمره والضالّ الآخذ على غير الطريق مطلقاً واجبة على العلماء مع عدم المانع، وتلك الهداية من جملة الأمانات التي تركها خيانة .
(أو ميّتاً لا يُحيونه). لعلّ المراد بالميّت هنا الجاهل المسترشد، أو الواقع في غمرة المعصية، وبإحيائه إرشاده وتعليمه وتخليصه.
وقيل : لعلّ المراد بالميّت من لم يستكمل نفسه بالكمالات العقليّة من العلوم والأخلاق والآداب الشرعيّة ، ولم يعمل بها، ولم يزهد في الدنيا . ۱
(فبئس ما يصنعون) أي العلماء بالخيانة وترك النصيحة، أو الأحبار والرهبان أو أشباههم بإيذاء العلماء وتعنيفهم .
وقوله : (لأنّ اللّه تبارك وتعالى) تعليل لقوله : «والعلماء في أنفسهم خانة» إلى آخره .
(أخذ عليهم الميثاق في الكتاب) ؛ يعني القرآن .
(أن يأمروا بالمعروف وبما اُمروا به) على البناء للمفعول .
(وأن ينهوا عمّا نُهوا عنه) بضمّ النون .
قال اللّه عزّ وجلّ : «وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ» الآية . ۲
(وأن يتعاونوا على البرّ والتقوى، ولا يتعاونوا على الإثم والعدوان) .
في قوله تعالى : «وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْاءِثْمِ وَالْعُدْوَانِ»۳ فسّر البرّ

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۵۶ .

2.آل عمران(۳): ۱۰۴.

3.المائدة(۵): ۲.

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 109803
صفحه از 630
پرینت  ارسال به