519
البضاعة المزجاة المجلد الأول

(اُمّيّون). أي أنّهم جهّال كالاُمّيّين .
(فيما يتلون) من الكتاب، لا يعرفون حقيقته، ولا يفهمون معناه .
في القاموس: «الاُمّي: من لا يكتب، أو من على خلقة الاُمّ لم يتعلّم الكتاب، وهو باقٍ على جبلّته، والغبيّ الجِلف القليل الكلام» . ۱
(يصدّقون بالكتاب) أي بألفاظه وعباراته .
(عند التعريف) أي عند تعريفهم وتعليمهم للخلق حروفه وكلماته .
(ويكذّبون به عند التحريف) أي تحريف معانيه، وصرفها إلى غير المراد منه؛ إذ تحريف معناه تكذيب لما هو المقصود منه .
(فلا يُنكرون) على بناء الفاعل، أو المفعول من الإنكار. ويحتمل كونه من التنكير، أي لا يستقبحون ذلك، بل يستحسنونه، أو لا يعلمون أنّه جهل، بل يزعمون أنّه حقّ .
قال الفيروزآبادي :
النكرُ والنكارة: الدَّهاء، والفطنة. والنكر، بالضمّ وبضمّتين: المنكر، كالنَّكراء، والأمر الشديد. نَكِر فلان الأمر ـ كفرح ـ نكَرَاً ونُكُراً ونكوراً ونكيراً، وأنكره: جهله، والمنكر: ضدّ المعروف . ۲
قال بعض الأفاضل :
قوله : «يصدّقون» و«يكذّبون» من باب التفعيل على البناء للفاعل . وقوله : «فلا ينكرون» على البناء للمفعول ؛ أي لا ينكر تكذيبهم عليهم أحد ، ويحتمل العكس بأن يكون الأوّلان على البناء للمفعول ، والثالث على البناء للفاعل؛ أي لا يمكنهم إنكار ذلك؛ لظهور تحريفهم، وعلى الاحتمال الأوّل يمكن أن يقرأ الفعلان بالتخفيف أيضاً، والأوّل أظهر . انتهى . ۳
(اُولئك أشباه الأحبار والرهبان) الذين ساروا بكتمان الكتاب وتحريفه .
وقوله : (قادة في الهوى، سادة في الردى) خبر «اُولئك» ، و«أشباه الأحبار» صفته، أو بدله، وكونه خبراً أيضاً بعيد؛ يعني أنّهم قائدون لمن تبعهم إلى الأهواء النفسانيّة والآراء الشيطانيّة،

1.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۷۶ (أمم) .

2.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۱۴۸ (نكر) مع التلخيص .

3.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۱۱۹ .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
518

(وإن اعتزلوهم) أي تنحّوا عنهم، ولم تعاشروهم، أو عن سيرتهم وطريقتهم .
(قالوا : فارقت) أهل السنّة والجماعة .
وقوله : (على ما تُحدّثون) يعني من الأسلاف والأوائل من مزخرفات الأكاذيب .
(قالوا : نافقت) من النفاق في الدين، وهو ستر الكفر وإظهار الإيمان ، قالوا ذلك لزعمهم أنّ خلاف ما هم عليه وعدم أخذه مسلّمة فيمن أظهر الإسلام نفاق .
وقيل : هو من النفوق، أي ماتت وهلكت؛ لزعمهم أنّ مطلوبهم من ضروريّات الدِّين، حتّى أنّ طالب البرهان عليه هالك . ۱
يُقال : نَفَقت الدابّة نُفوقاً، أي ماتت .
وقيل : أي أظهرت خلافنا، ولم تعتقد لحقّيّة ما نحن عليه . ۲
(وإن أطاعوهم قالوا) على سبيل الإلزام والإسكات (عصت اللّه عزّ وجلّ).
في بعض النسخ: «عصيت» بصيغة الخطاب، وكأنّ المراد أنّهم يقولون: عصيت اللّه بزعمك حيث سلكت مسلكاً لم تعتقده، وحكمت ببطلانه، كما هو معروف من دأب مخالفينا، يشنّعون علينا وعلى أئمّتنا بالتقيّة .
وقال بعض الأفاضل : «ليس في بعض النسخ المصحّحة «قالوا» ، والظاهر أنّه زيد من النسّاخ ، والمعنى أنّه لا يمكنهم إطاعة هؤلاء؛ لأنّها معصية اللّه تعالى » ۳ انتهى .
والحاصل : أنّ أحوال الجهّال مشوّشة منكّرة بحيث لا يمكن للعالم حسن السلوك معهم أصلاً .
(فهلك جُهّال). التنوين للتحقير، أو للتعظيم، أو للتكثير .
(فيما لا يعلمون). لعلّ المراد أنّهم جهّال فيما لا يصل إليه علمهم من فساد عقيدتهم، أو عملهم وسيرتهم، فليس لهم علم بجهلهم ، وهذا هو الجهل المركّب المُهلِك .
وقيل : لعلّ المراد أنّ الطاعنين في العلماء جهّال فيما لا يبلغ علمهم إليه ممّا عمله العلماء، ومع ذلك يعيبون عليهم . ۴

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۵۷ .

2.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۱۱۸ .

3.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۱۱۸ و۱۱۹ .

4.قاله المحقّق الفيض رحمه الله في الوافي ، ج ۲۶ ، ص ۹۴ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 109689
صفحه از 630
پرینت  ارسال به