من كلامه عليه السلام ؛ أي لا يدرون هؤلاء المتحيّرون الحقّ ما هو بين هذا الاختلاف الذي اعترفوا بكونه مبتدعاً .
الثاني : أن يكون «هذا» إشارة إلى ما ابتدعه المخالفون كخلافة الأوّل مثلاً ؛ أي يقولون: لم يحدث هذه الاُمور في عهد ۱ الرسول، وإنّما ابتدعت بعده، وعلى هذا الاحتمال يمكن أن يقرأ «صدقوا» بالتخفيف كما مرّ، وبالتشديد أيضاً ، وعلى الثاني فقوله : «تركهم» إمّا مصدر مفعول للتصديق، أي صدّقوا أنّ الرسول تركهم على الأمر الواضح ، وإمّا فعلٌ، أي مع اعترافهم بكون هذه الاُمور بدعة صدّقوا بها تصديقاً مشوباً بالشكّ، فيكون قوله: «تركهم» كلامه عليه السلام للردّ عليهم .
الثالث : أن يكون «هذا» إشارة إلى مذهب أهل الحقّ، أي سبب عدم إطاعتهم الحقّ هو أنّهم يقولون: إنّ الناس في الزمن السابق كان أكثرهم على خلاف هذا الرأي، ولا يدرون حقّيّته، فنحن تبعٌ لهم كما قال الكفّار : «إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ» ، ۲ و«صدقوا» بالتشديد، و«تركهم» على صيغة المصدر، فهذا ردّ عليهم بأنّهم يصدّقون بأنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله أوضح لهم السبيل، وأقام لهم الخليفة ، ومع ذلك يتّبعون أسلافهم في الضلالة، أو بيان لأحد طرفي شكّهم وأحد سببي تحيّرهم .
الرابع : أن يكون «هذا» إشارة إلى خليفتهم الباطل، وبدعهم الفاسدة، ويكون الكلام مسوقاً على الاستفهام الإنكاري ؛ أي إنّ الناس هل كانوا لا يعرفون حقّيّة هذه الخليفة، وكانوا ينصبونه ، وقوله عليه السلام : «وصدقوا» يكون ردّاً عليهم ، انتهى كلامه أعلى اللّه مقامه . ۳
وأقول : الظاهر أنّ قوله عليه السلام : (تركهم رسول اللّه صلى الله عليه و آله ) بصيغة الفعل من باب الاستئناف، إشارة إلى علّة صدقهم، وإلى سبب الاختلاف بعده صلى الله عليه و آله ، وضمير الجمع للاُمّة؛ أي تركهم حين وفاته، أو في حال حياته مطلقاً .
(على البيضاء) أي على الملّة، أو الشريعة، أو السنّة، أو الطريقة البيضاء البيّنة الواضحة.
(ليلها) متميّزاً (من نهارها) أي باطلها من حقّها .
وقيل : مجهولها أو جاهلها من معلومها ، أو عالمها . ۴ وقيل : يحتمل أن يُراد بالنهار ظاهر