(ولو لا أن تذهب بك الظنون عنّي) .
قيل: أي إلى اعتقاد الرسالة، أو الاُلوهيّة، ۱ ولا يخفى بُعده . وقيل : أي يصير ظنّك السيّئ بي سبباً لانحرافك عنّي، وعدم إصغائك إلى قولي بعد ذلك، وكأنّه عليه السلام كان يعلم أنّه لا يقبل صريح الحقّ دفعة، فأراد أن يقرّ به من الحقّ شيئاً فشيئاً لئلّا ينفّر عن الحقّ وأهله . ۲
وأقول : لعلّ المراد ذهاب وهمه إلى جواز ترك التقيّة، وإباحة الإذاعة بعد سماع تلك الاُمور التي أخفاها عليه السلام .
(لجلّيت لك) أي لأظهرت لك كاشفاً (عن أشياء من الحقّ) ؛ بيان للأشياء .
(غطّيتها) لها (ولنشرت) أي بسطت .
(لك أشياء من الحقّ كتمتها) .
«من» بيان للأشياء، وجملة «كتمتها» صفة لها .
(ولكنّي أتّقيك) أي أكون منك على تقيّة خوفاً من نفسي ومنك .
(وأستبقيك) أي أطلب بقاءك وحياتك ؛ يُقال : بَقي بقاء، وهو ضدّ فني فناء، وأبقاه وبقاه واستبقاه بمعنى، واستبقاه: استحياه .
وقيل: معناه: أستبقيك على الحقّ كيلا تزلّ عنه . ۳
(وليس الحليم الذي لا يتّقي أحداً) .
«الحليم» بالرفع اسم «ليس»، والموصول مع صلته خبره. والحِلم، بالكسر: العقل، والأناة، أي التثبّت في الاُمور والتأنّي فيها .
(في مكان التقوى) أي في محلّ التقيّة .
وقوله : (فلا تَعرَيَنَّ) . يُقال : عري من ثوبه ـ كرضي ـ عُرياً بالضمّ، فهو عار وعريان.
والحاصل أنّه عليه السلام أمره بالحلم والتثبّت في الاُمور بتدقيق النظر في مبدئها ومنتهاها، وحسنها وقبحها، وما يترتّب عليها من المصالح والمفاسد، وعدم التسرّع إلى إذاعة الأسرار إلّا لأهلها، وشبّهه باللباس في الزينة والصيانة ودفع الضرر.