527
البضاعة المزجاة المجلد الأول

(ولو لا أن تذهب بك الظنون عنّي) .
قيل: أي إلى اعتقاد الرسالة، أو الاُلوهيّة، ۱ ولا يخفى بُعده . وقيل : أي يصير ظنّك السيّئ بي سبباً لانحرافك عنّي، وعدم إصغائك إلى قولي بعد ذلك، وكأنّه عليه السلام كان يعلم أنّه لا يقبل صريح الحقّ دفعة، فأراد أن يقرّ به من الحقّ شيئاً فشيئاً لئلّا ينفّر عن الحقّ وأهله . ۲
وأقول : لعلّ المراد ذهاب وهمه إلى جواز ترك التقيّة، وإباحة الإذاعة بعد سماع تلك الاُمور التي أخفاها عليه السلام .
(لجلّيت لك) أي لأظهرت لك كاشفاً (عن أشياء من الحقّ) ؛ بيان للأشياء .
(غطّيتها) لها (ولنشرت) أي بسطت .
(لك أشياء من الحقّ كتمتها) .
«من» بيان للأشياء، وجملة «كتمتها» صفة لها .
(ولكنّي أتّقيك) أي أكون منك على تقيّة خوفاً من نفسي ومنك .
(وأستبقيك) أي أطلب بقاءك وحياتك ؛ يُقال : بَقي بقاء، وهو ضدّ فني فناء، وأبقاه وبقاه واستبقاه بمعنى، واستبقاه: استحياه .
وقيل: معناه: أستبقيك على الحقّ كيلا تزلّ عنه . ۳
(وليس الحليم الذي لا يتّقي أحداً) .
«الحليم» بالرفع اسم «ليس»، والموصول مع صلته خبره. والحِلم، بالكسر: العقل، والأناة، أي التثبّت في الاُمور والتأنّي فيها .
(في مكان التقوى) أي في محلّ التقيّة .
وقوله : (فلا تَعرَيَنَّ) . يُقال : عري من ثوبه ـ كرضي ـ عُرياً بالضمّ، فهو عار وعريان.
والحاصل أنّه عليه السلام أمره بالحلم والتثبّت في الاُمور بتدقيق النظر في مبدئها ومنتهاها، وحسنها وقبحها، وما يترتّب عليها من المصالح والمفاسد، وعدم التسرّع إلى إذاعة الأسرار إلّا لأهلها، وشبّهه باللباس في الزينة والصيانة ودفع الضرر.

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۶۱ .

2.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۱۲۲ .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
526

(فإن كان دونهم) أي عندهم (بلاء) أي ابتلاء وامتحان للخلق من مظلوميّتهم ومغلوبيّتهم .
(فلا تنظر إليه ۱ ) أي إلى ذلك البلاء .
في بعض النسخ: «ينظر» بالياء. وفي بعضها: «إليهم» بدل «إليه»، والمآل واحد ؛ يعني لا تجعل ذلك دليلاً على عدم حقّيّتهم؛ فإنّ ذلك علامة كونهم أولياء اللّه ؛ لأنّ البلاء موكّل بالأولياء، وعمّا قليل ينصرم بلاياهم، وتنقلب حالهم إلى الرخاء في دار البقاء، بل في هذه النشأة الدنيا أيضاً عند ظهور دولة الحقّ .
(فإن كان دونهم) أي عندهم (عَسْف) أي ظلم وجور . وأصل العسف: الأخذ على غير الطريق .
(وخَسف) . قال الجوهري : «الخَسف: النقصان، وبات فلان الخَسف، أي جائعاً ، ويُقال : سامَهُ الخَسْف، وسامَهُ خَسْفاً وخُسْفاً أيضاً بالضمّ، أي ولّاه ذُلّاً ، ويُقال : كلّفه المشقّة والذلّ» ۲ انتهى .
وقيل : هو كناية عن الخُمول وعدم الذكر . ۳
وقوله : (تنقضي) جزاء الشرط، ولم ينجزم لكون الشرط ماضياً؛ فإنّك تقول: إن جاء زيد يقوم عمرو، ويقم عمرو . قال ابن مالك :

«وبعد ماض رفعك الجزاء حسنورفعه بعد مضارع وهن» .۴
(ثمّ تَصير) تلك البلايا (إلى رخاء) وسعة في الآخرة، بل في الدنيا أيضاً كما مرّ. وفي ذلك ترغيب في ملازمتهم ومتابعتهم، وعدم مفارقتهم أصلاً .
وقوله : (إخوان الثقة) أي الموثوق بهم وبإخوتهم . وقيل : هم المتحابّون المتديّنون المتابعون له عليه السلام في الأقوال والأعمال . ۵
(ذخائر بعضهم لبعض) .
الذخيرة ممّا يتّخذ أو يختار لنوائب الدهر ، فالمراد هنا نفع بعضهم بعضاً في الشدائد والنوازل والتعاون والتناصر والتباذل .

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۶۰ .

2.في المتن الذي نقله الشارح رحمه الله سابقاً: «إليهم».

3.الصحاح ، ج ۴ ، ص ۱۳۵۰ (خسف) .

4.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۱۲۱ .

5.راجع: شرح ابن عقيل على الألفية ، ج ۲ ، ص ۳۷۳ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 109080
صفحه از 630
پرینت  ارسال به