(إلّا في عباد غرباء) ؛ جمع غريب، وهو من فارق بلده .
وقيل : من فارق أهله، أو فارقوه ، فكلّ مؤمن لم يجد مؤمناً في منزل الإيمان وفارقه الناس ومالوا إلى الكفر والعصيان، فهو غريب في دار الغربة، وهي الدنيا؛ لأنّه من أهل أعلى علّيّين، وهم عليهم السلام كانوا كذلك لمفارقة الناس عنهم، وخروجهم عن مسكن الإسلام وموطن الإيمان، ونقلهم من رياض الجنان إلى دار الهموم والأحزان .
(أخلاء من الناس) .
الأخلاء: جمع الخِلو ـ بالكسر ـ كالأطفال والطفل، وهو الفارغ، أو البريء، أو المنفرد؛ أي هم أخلاء منفردون، أو بُرآء من معاشرة عامّة الناس ومخالطتهم إلّا لضرورة ، وعن أخلاقهم وأطوارهم المذمومة الباطلة .
وقيل : الأخلاء: جمع خليّ، كالأشراف جمع «شريف» ، والمراد به الفارغ من الناس والمعتزل من شرارهم . ۱
(قد اتّخذهم الناس سِخريّاً) أي هزواً، ويسخرون منهم؛ لأنّهم يعدّون معروفهم منكراً، أو يقهرونهم، ويكلّفونهم ممّا لا يطيقون ، ولم يجمع السخريّ لكونه في الأصل مصدراً أو اسم مصدر .
قال الفيروزآبادي : «سخر منه وبه ـ كفرح ـ سخْراً: اُهزئ، كاستسخر، والاسم: السُّخريّة والسُّخريّ، ويكسر، وسخره ـ كمنعه ـ سخريّاً، بالكسر ويضمّ: كلّفه ما لا يريد، وقهره» . ۲
وقال البيضاوي :
السخريّ ـ بالضمّ والكسر ـ مصدر سخر، زيدت فيهما ياء النسبة للمبالغة ، وعند الكوفيّين المكسور بمعنى الهزء، والمضموم من السخرة بمعنى الانقياد والعبوديّة . ۳
(لما يَرمونهم به من المنكرات) أي لأجل ما يقذفهم الناس، ويتّهمونهم به من المنكرات التي هم بُرآء منها، أو لزعمهم أنّ ما فعلوا من الخيرات وعملوا من الصالحات منكرات .
وقيل : يحتمل حمل المنكر على الاُمور الشاقّة الشديدة من الأقوال وغيرها . ۴ وقيل :
1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۶۲ .
2.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۴۶ (سخر) .
3.تفسير البيضاوي ، ج ۴ ، ص ۱۷۰ .