535
البضاعة المزجاة المجلد الأول

قال الجوهري :
الوضيعة: واحدة الوضائع، وهي أثقال القوم . يُقال : وُضِع الرجل في تجارته على ما لم يسمّ فاعله، أي خَسِر. ووَضُعَ الرجل، بالضمّ، أي صار وضيعاً ، ووضع منه فلان، أي حطّ من درجته . ۱
(إنّهم يُحيون بكتاب اللّه الموتى) .
الإحياء كناية عن الإرشاد والتعليم ، والموتى عن الجهّال الذين ماتت قلوبهم بالجهل ، وإرادة الإحياء والموت بمعنى المتعارف بعيد .
(ويبصّرون بنور اللّه من العمى) .
في القاموس: «بصّره تبصيراً: عرّفه وأوضحه» ، ۲ ولعلّ تعديته ب «من» بتضمين مثل معنى الكشف والتبصير .
والمراد بالنور العلم، وبالعمى الجهل والشبهة مجازاً ، وهذه الفقرة كالتفسير لسابقها؛ أي يبيّنون ويوضحون للناس معالم دينهم بما أعطاهم اللّه من العلم مبعّداً إيّاهم من عمى الجهل .
وما قيل ـ من كون «يبصرون» من الإبصار ، والمراد أنّهم يُبصِرون بنور العلم الذي لا يضلّ من اهتدى به صراط الحقّ ودينه من ظلمات الجهالات والشبهات التي أحدثها الجاهلون في الشريعة ـ ، ۳ فمحتمل بعيد .
(كم من قتيل لإبليس قد أحيوه) .
«كم» خبريّة لبيان الكثرة ، وكذا في قوله : (وكم من تائه ضالّ قد هَدوه).
وقال الجوهري : «تاه في الأرض، أي ذهب متحيّراً» . ۴ وفي القاموس: «التّيه، بالكسر: الضلال . تاه يتيه تيهاً، ويكسر» . ۵
وقيل : المراد بقتيل إبليس المنكرُ للرسول، وبالتائه المنكرُ للولاية والمستضعف . ۶
(يبذلون دماءهم دون هَلَكة العباد) أي يجودون بها عند إشراف العباد على الهلاك،

1.الصحاح ، ج ۳ ، ص ۱۲۹۹ و۱۳۰۰ (سخر) .

2.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۳۷۴ (بصر) .

3.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۶۴ .

4.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۲۲۹ (تيه) .

5.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۲۸۲ (تيه) .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
534

وأدركه: لحقه» . ۱ وقيل : «ذلك» إشارة إلى المنافع والثواب الاُخرويّة المعلومة بقرينة المقام، أو يكون إشارة إلى ما اُشير به أوّلاً بتقدير مضاف، أي عوضه وجزاء تركه . ۲
(لقوم يعلمون) أي العلم بكنه تلك الحقارة ، وذلك الشرف مختصّ بالعالمين بدناءة الدنيا وخساسة أهلها، وجودة الآخرة وشرافة أهلها .
وقوله : (في كلّ من الرسل) أي في اُمّة كلّ من الرسل، أو لأجل كلّ منهم على أن يكون «في» للتعليل .
(بقايا من أهل العلم) .
هم أوصياء الرسل ومن يحذو حذوهم من العلماء ، وهذه سُنّة جرت من اللّه في الأوّلين والآخرين، وبعد ورود النقل المتواتر بذلك يقتضيه العقل الصحيح أيضاً؛ إذ فرض انتفاء الحاجة إلى الأوصياء الذين هم حفظة شرائع الأنبياء في كلّ عصر لزم انتفاء الحاجة إلى الرسل أيضاً؛ لاشتراك علّة الحاجة، وبيان ظاهرة للمنصف الطالب للحقّ والرشاد ، الناكب عن طريق الجدل والعناد (يدعون) تلك البقايا (من ضلّ) بعد الرسل عن سبيلهم (إلى الهدى) وهو دينهم الحقّ .
(ويصبرون معهم) أي مع الرسل، أو مع الاُمّة تبعهم، أو ضلّ عنهم وخالفهم .
(على الأذى) الذي وصل إليهم من الجهّال .
(يجيبون) تلك البقايا .
(داعي اللّه ) وهو الرسول ، وإجابته: إطاعته فيما جاء به .
(ويدعون) الناس (إلى اللّه ): إلى دينه وأحكامه .
وقوله : (فأبصرهم) من الإبصار، وهو الرؤية ؛ أي اُنظر إليهم ببصرك وبصيرتك، واُعرفهم بأعيانهم، وميّزهم عن أغيارهم .
وقوله : (وضيعة) أي حالة وضيعة، وهي المرتبة الدنيّة بحسب الدنيا، أو خسران ونقصان باعتبار مقهوريّتهم وتخلّف الخلق عنهم وعدم الاهتمام بشأنهم .

1.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۱۲۴ .

2.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۳۰۱ (درك) .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 108503
صفحه از 630
پرینت  ارسال به