وقوله : (يتوارثون هِرَقْلاً بعد هِرَقْل) أي يتوارث بعضهم بعضاً توارث هرقل بعد هرقل، أي مَلكاً بعد ملك، حذف المفعول المطلق واُقيم المضاف إليه مقامه .
قال الفيروزآبادي : «هِرَقل، كسبحل وزبرج: ملك الروم، أوّل من ضرب الدنانير، وأوّل من أحدث البيعة» . ۱ انتهى .
وقيل : كأنّه عبّر عنهم هكذا كفراً وعناداً وإظهاراً لبطلانهم . ۲
وقوله : (مقالة الحارث) بالنصب على أنّه مفعول «أنزل»؛ أي فأخبر اللّه رسوله بمقالة الحارث .
(ونزلت هذه الآية) لبيان تلك المقالة : «وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ» الآية .
قيل : المراد ترك عذاب الاستيصال ببركته صلى الله عليه و آله ، فلا ينافي ورود هذا العذاب عليه ، ويحتمل أن يكون المراد بأوّل الآية نفي عذاب الاستيصال ، وبقوله : «وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ» نفي العذاب الوارد على الأشخاص ، فلذا أمره ـ صلوات اللّه عليه ـ بالتوبة لرفعه ، فلمّا لم يتب نزل عليه . ۳
وقال بعض المفسّرين :
هذه الآية بيان لما كان الموجب لإمهالهم والتوقّف في إجابة دعائهم ، واللام لتأكيد النفي والدلالة على أنّ تعذيبهم عذاب استيصال، والنبيّ بين أظهرهم خارج عن عادته غير مستقيم في قضائه ، والمراد باستغفارهم إمّا استغفار من بقي فيهم من المؤمنين، أو قولهم: «اللّهمّ اغفر» ، أو فرضه على معنى لو استغفروا لم يعذّبوا كقوله : «وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ»۴ . ۵
(ثمّ قال له : يا عمرو) .
لعلّه قد يسمّى باسم أبيه أيضاً . وفي بعض النسخ: «با عمرو» بالباء الموحّدة، فلعلّه منادى بحذف حرف النداء . وفي بعضها: «يا با عمرو» .
1.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۶۸ (هرقل) .
2.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۱۲۷ .
3.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۱۲۸ .
4.هود(۱۱): ۱۱۷.
5.تفسير البيضاوي ، ج ۳ ، ص ۱۰۵ (مع اختلاف يسير) .