فقالت الأنصار : نحن أصحاب الدار والإيمان، لم يُعبد اللّه علانية إلّا عندنا وفي بلادنا، ولا عُرِفَ الإيمان إلّا من أسيافنا، ولا جُمعت الصلاة إلّا في مساجدنا ، فنحن أولى بهذا الأمر، فإن أبيتم فمنّا أمير ومنكم أمير .
فقال فلان : هيهات هيهات، لا يجتمع سيفان في غمد، وإنّ العرب لا ترضى بأن تؤمركم لهذا الأمر ـ إلى أن قال : ـ واللّه لا يردّ عليّ أحد إلّا حطّمت أنفه بسيفي هذا ، فقام بشر بن سعد الخزرجي، وكان يحسُد سعداً أن يصل إليه هذا الأمر ، وقال : إنّ محمّداً رجلٌ من قريش، وقومه أحقّ بميراث أمره، فلا تنازعوهم معشر الأنصار .
فقام الأوّل فقال : هذا عمر وأبو عبيدة، بايعوا أيّهما شئتم ، فقالا : لا يتولّى هذا الأمر غيرك ، وأنت أحقّ به ، أبسط يدك، فبسط يده، فبايعاه، وبايعه بشر والأوس كلّها، وحُمِل سعد وهو مريض، فاُدخل منزله .
وقيل: إنّه بقي ممتنعاً من البيعة حتّى مات . ۱
متن الحديث العشرين
۰.وَعَنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ، عَنْ مُيَسِّرٍ،۲عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ:قُلْتُ: قَوْلُ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ: «وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها» ؟ ۳ قَالَ: فَقَالَ: «يَا مُيَسِّرُ، إِنَّ الْأَرْضَ كَانَتْ فَاسِدَةً، فَأَصْلَحَهَا اللّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ بِنَبِيِّهِ صلى الله عليه و آله ، فَقَالَ: «وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها» ».
شرح
السند صحيح، إن كان «محمّد بن عليّ» ابن محبوب ، وضعيف إن كان أبا سمينة . ۴
1.راجع: الاحتجاج ، ج ۱ ، ص ۷۱؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج ۲ ، ص ۳۷؛ بحار الأنوار ، ج ۲۸ ، ص۱۸۱ (وفيه عن الاحتجاج) ؛ شرح المازندراني ، ج ۱۱ ، ص ۳۶۷ و۳۶۸ .
2.في الحاشية عن بعض النسخ: «مبشّر».
3.الأعراف(۷): ۵۶ و۸۵.
4.وفي كلا الاحتمالين ما لا يخفى على المتأمّل جيّداً؛ أمّا الأوّل مردود لأنّ ابن محبوب لا يروي عن ابن مسكان، بل هو في طبقة مشايخ الكليني رحمه الله كمحمّد بن يحيى. وأمّا الثاني بأنّ رواية أبي سمينة عن ابن مسكان، أو رواية محمّد بن يحيى عنه في غاية البعد إنصافاً.
والمحتمل الأنسب في المقام أنّ السند صُحّف فيه «محمّد، عن عليّ» بما ترى، كما يؤيّده بعض نسخ الكافي، والسند حينئذٍ معلّق على سابقه بتلخيص واضح، والضمير في «عنه» راجع إلى محمّد بن يحيى.