555
البضاعة المزجاة المجلد الأول

(قيل: قد غُيّرت السنّة) أي سنّة رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وقائله المبتدعة .
(وقد أتى الناس منكراً). يحتمل كونه من كلامه عليه السلام لبيان أنّ ما ارتكبوه منكر ، ويحتمل أن يكون من مقول قولهم: «قالوا ذلك»؛ لزعمهم أنّ الحقّ منكر، وبدعهم المنكرة حقّ، فيكون إشارة إلى جهلهم المركّب .
(ثمّ تشتدّ البليّة) كما في عصر بني اُميّة وأشباههم . قال الجوهري : «البليّة والبَلوى والبلاء واحد» . ۱
(وتُسبى الذرّيّة) على البناء للمفعول . والذرّيّة، بالضمّ ـ وقد يكسر ـ وتشديد الراء والياء: ولد الرجل .
(وتدقّهم الفتنة) . الدقّ: الكسر، والهشم، وفعله كمدّ .
(وكما تدقّ الرَّحى بثفالها) بالفاء . قال الجزري :
وفي حديث عليّ عليه السلام : «تدقّهم الفتن دقّ الرحا بثفالها» . الثفال، بالكسر: جلدة تبسط تحت رحا اليد ليقع عليها الدقيق ، ويسمّى الحجر الأسفل ثفالاً ، والمعنى: أنّها تدقّهم دقّ الرحا للحبّ إذا كانت مثفلة ، ولا تثفل إلّا عند الطحن . ۲
وفي القاموس:
الثفال، ككتاب: ما وقيت به الرحا من الأرض، كالثفل بالضمّ، وقد ثَفَلها . وقول زهير : بثفالها ؛ أي على ثفالها، أو مع ثفالها، أي حال كونها طاحنة؛ لأنّهم يثفلونها إذا طحنت ، وكغراب وكتاب: الحجر الأسفل من الرحى ، وثفله: نثره بمرّة واحدة . انتهى . ۳
وبهذا يظهر فساد ما قيل من أنّ الباء في قوله : «بثفالها» زائدة للمبالغة . ۴ وفي بعض النسخ : «بثقالها» بالقاف . قيل : لعلّ المراد مع ثقالها، أي إذا كانت معها ما يثقلها من الحبوب، فيكون أيضاً كناية عن كونها طاحنة . وفي القاموس: «الثِّقَل، كعنب: ضدّ الخفّة ؛ ثقل ـ ككرم ـ فهو ثقيل وثقال، كسحاب وعذاب» . ۵
وقوله: (ويطلبون الدنيا بأعمال الآخرة) أي يجعلونها وسيلة لطلب الدنيا.

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۷۲ .

2.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۲۸۴ (بلا) .

3.النهاية ، ج ۱ ، ص ۲۱۵ (ثفل) .

4.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۳۴۲ (ثفل) مع اختلاف يسير .

5.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۳۴۲ (ثفل) .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
554

الخلاف ؛ فإنّهم ضمّوا حقّاً ـ وهو أنّه لابدّ لهذه الاُمّة من إمام ـ إلى باطل ـ وهو النبيّ صلى الله عليه و آله ـ لم ينصّ به، فاخترعوا لأنفسهم إماماً ، وكذلك غيرهم من أرباب الملل الفاسدة . ۱
وقوله : (إذا لبِسَتْكُم فتنة) .
في بعض النسخ: «ألبستكم» على صيغة المعلوم، أو المجهول . وفي بعضها: «لبستم» . وفي بعضها: «اُلبِستم» على البناء للمفعول من باب الإفعال ، ولعلّه أظهر .
ومفاد الجميع أنّه إذا أحاطت بكم المحنة والبليّة الداعية إلى الضلال عن الحقّ وسلوك سبيل الباطل (يربو فيها الصغير) ؛ الضمير للفتنة ، أي ينمو ويرتفع، من قولهم: ربا رُبُوّاً ـ كعُلُوّاً ـ ورَباءً، إذا زاد ونما، وهو نظير قوله تعالى : «يَوْما يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبا» ؛ ۲ باعتبار شدّة هولها من باب التمثيل ، وأصله أنّ الهموم تسرّع بالشيب ويضعف القوى ، أو كناية عن كثرة امتداد زمانها . وقيل : يحتمل أن يكون «يربو» بمعنى يموت، من قولهم : ربا فلان، إذا انتفخ من فزع . ۳
(ويهرم فيها الكبير) . الضمير للفتنة . والهَرَم محرّكة: أقصى الكِبَر، هَرم ـ كفرح ـ فهو هَرِمٌ ، وذلك لطول زمانها أيضاً ، أو لشدّتها وكثرة المشقّة فيها، وتشتّت أحوال الخلق وتبدّد نظامهم .
(يجري الناس عليها) . الظاهر أنّه من الجَري، أي يذهبون إليها، ويقيمون عليها، ويُصرّون بها . ويحتمل كونه من التجرئة على بناء المفعول، أو الفاعل ؛ أي يُجرَّئ الناسُ بعضهم بعضاً .
قال الجوهري : «الجرأة، كالجرعة: الشجاعة ، والجَرئُ: المِقدام ؛ تقول : جرأتك على فلان حتّى اجترأتَ عليه» . ۴
(ويتّخذونها سنّة) أي سيرة وطريقة وقوانين شرعيّة .
(فإذا غُيّر منها) أي من تلك الفتن والبدع والسنّة (شيء) من القواعد الكلّية، أو الاُمور الجزئيّة .

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۷۱ .

2.المزّمّل(۷۳): ۱۷.

3.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۷۲ .

4.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۴۰ (جرأ) مع التلخيص .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 110060
صفحه از 630
پرینت  ارسال به