561
البضاعة المزجاة المجلد الأول

شرع اللّه لعباده من الدِّين، وقد شَرَع لهم يشرع شرعاً، أي سنَّ» . ۱
(ورددت أهل نجران إلى مواضعهم) ؛ قيل : كانوا أهل ذمّة، وهم أخرجوهم عن مواضعهم . ۲
قال الفيروزآبادي : «نَجران، بلا لام: موضع باليمن، فُتح سنة عشر، وموضع بالبحرين، وموضع بحوران قرب دمشق، وموضع بين الكوفة وواسط» . ۳ وقال الجزري : «نجران: موضع معروف بين الحجاز والشام واليمن» . ۴
(ورددت سبايا فارس ...) ؛ إمّا لأنّها لم تقسم على العدل، بل أخذها بعضهم زائداً عن سهمه ، وإمّا لأنّها من حقّه عليه السلام ؛ فإنّها غنائم اُخذت من دار الحرب بغير إذنه عليه السلام .
وفي القاموس: «فارس: الفُرس، أو بلادهم» . ۵
(إذاً لتفرّقوا عنّي) جواب لقوله سابقاً : «أرأيت» إلى آخره ، ويفهم منه أنّ أكثر جنده وأصحابه كانوا من المخالفين ، وحكي أنّهم بايعوه على أن لا يغيّر من سنّة العمرين شيئاً ، ويدلّ عليه أيضاً الفقرات الآتية ؛ ألا ترى أنّه عليه السلام كيف أكّد مضمون الشرطيّة بقوله : (واللّه لقد أمرت الناس ...) ، وحاصله : أنّ إنكار أدنى شيء من بدع خلفائهم صار سبباً لهيجان الفتنة والمفسدة ، حتّى أنّه عليه السلام اضطرّ إلى تقريره بحاله كما كان ، فكيف إنكار أكثرها أو جميعها ؟!
وقوله : (اجتماعهم في النوافل بدعة) ؛ الظاهر أنّ البدعة فعلها بالجماعة كصلاة التراويح في شهر رمضان ، ويؤيّده قولهم : (ينهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوّعاً) .
وقيل : يحتمل أن يكون النهي عن صلاة الضحى؛ إمّا عن إيقاعها، أو فعلها، أو عن الجماعة فيها، أو كليهما . فتأمّل . ۶
وقوله عليه السلام : (أن يثوروا في ناحية جانب عسكري) ؛ «يثوروا» من الثوران، أو من التثوير .
قال الفيروزآبادي : «الثور: الهيجان، والوثب، والسطوع، ونهوض القطا والجراد، كالثؤور والثَّوران، وأثاره وثوّره غيره» . ۷
وقال : «الناحية: الجانب» . ۸ وقال : «العَسْكر: الجمع، والكثير من كلّ شيء، فارسيّ» . ۹

1.الصحاح ، ج ۳ ، ص ۱۲۳۶ (شرع) .

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۷۵ .

3.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۱۳۸ (نجر) .

4.النهاية ، ج ۵ ، ص ۲۱ (نجر) .

5.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۲۳۶ (فرس) .

6.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۷۶ .

7.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۳۸۳ (ثور) مع التلخيص .

8.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۹۴ (نحي) .

9.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۸۹ (عسكر) .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
560

وقال بعض الشارحين :
المراد بها صدقات الرسول صلى الله عليه و آله ، ثمّ نقل عن أبي عبداللّه الآبي ـ وهو من أعاظم علماء العامّة ـ أنّه قال في كتاب إكمال الإكمال :
صدقات النبيّ صلى الله عليه و آله التي كان ملكها ثلاثة أوجه:
[الأوّل:] الهبة، كالسبع الحوائط بأرض بني النضير التي أوصى له بها مخيريق اليهودي حين أسلم يوم اُحد ، وكالذي أعطاه الأنصار من أرضهم منه موضع سوق المدينة .
الثاني ما كان ملكه بالفيء، كأرض بني النضير حين أجلاهم عنها، وحملوا من أموالهم ما حملت الإبل إلّا السلاح تركوها مع الأرض، فكان له صلى الله عليه و آله خاصّة ؛ لأنّه لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب ، وكنصف أرض فدك الذي صالح عليها أهلها من يهود ، وكثلث وادي القرى الذي صالح أهله عليه، فكان له ثلثهُ ولهم ثلثاه ، وكحصن الرضيح وحصن الإسلام من حصون خيبر أخذهما صلحاً على أن أجلى من فيها عنها .
الثالث : سهمه من خمس خيبر حين افتتحها عنوة، وصار في ذلك الخمس حِصنُ الكتيبيّة كلّها.
فهذه الأشياء كانت له خاصّة ، ومع ذلك لم يستأثر بشيءٍ منها، بل كان يصرفها في مصالح المسلمين بعد إخراج ما يحتاج إليه عياله ، ويدلّ على أنّها كانت ملكه إقطاعُه الزبير منها؛ إذ لا يقطع ملك غيره، وأجمع العلماء على أنّها صدقات محرّمة الملك ، ثمّ ما كان منها بالمدينة من أموال بني النضير دفعه عمر لعبّاس وعليّ على أن يعملا فيه، ويصرفا في مصالح بني هاشم ، وأمّا ما عدا ذلك فأمسكه عمر لنوائب المسلمين كما أمسك كلّها قبله أبو بكر؛ لأنّه كان يرى أنّه الخليفة، وأنّه القائم مقام النبيّ صلى الله عليه و آله ، فلم ير إخراج ذلك عن نظره، وكان يصرفه في مصالح قرابته وغيرهم . انتهى . ۱
أقول : الظاهر أنّ المراد بالصدقة ما يعمّ الزكاة والهبة والعطيّة والوقف والوصيّة، كما أشرنا إليه ويشعر به الجمع المحلّى باللام .
وقوله : (مواقيتها وشرائعها ومواضعها) ؛ لعلّ المراد بمواقيتها أوقاتها وأزمنة إيقاعها ، وبالشرائع شرائطها وكيفيّاتها وأحكامها ، وبالمواضع أمكنة إيقاعها .
قال الجوهري : «الميقات: الوقت المضروب للفعل، والموضع» ، ۲ وقال : «الشريعة: ما

1.نقل عنه المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۷۵ . ولم نعثر عليه في الإكمال.

2.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۲۷۰ (وقت) .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 108558
صفحه از 630
پرینت  ارسال به