جعل الخمس لهؤلاء، فسلمّوه إليهم، واقتنعوا بالأخماس الأربعة؛ فإنّ العلم العملي إذا اُمر به لم يُرد منه العلم المجرّد؛ لأنّه مقصود بالعرض، والمقصود بالذات هو العمل. «وَمَا أَنْزَلْنَا» من الآيات والملائكة والنصر «عَلى عَبْدِنَا» محمّد صلى الله عليه و آله «يَوْمَ الْفُرْقَانِ» : يوم بدر، فرّق فيه بين الحقّ والباطل «يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ» ؛ أي المسلمون والكفّار . انتهى . ۱
قوله عليه السلام : (فنحن واللّه عنى بذي القربى ...) ردّ على العامّة حيث ذهب بعضهم إلى أنّ ذوي القربى بنو هاشم وبنو عبد المطّلب مطلقاً، وبعضهم إلى أنّهم بنو هاشم لا غير ، وبعضهم إلى أنّهم قريش، الغني والفقير فيه سواء . وقيل : لفقرائهم فقط ، وقال بعضهم : الخمس كلّه لهم . وقال أبو حنيفة : سقط سهم اللّه وسهم رسوله وسهم جميع ذي القربى بوفاة رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، ويصرف كلّه إلى الثلاثة الباقية .
وقال مالك : الرأي فيه يفوّض إلى الإمام كائناً من كان، يصرفه إلى من شاء . ومنهم من قال : يصرف سهم اللّه إلى الكعبة، والباقي يقسّم على خمسة .
وقال بعضهم : سهم اللّه لبيت المال، ويصرف في مصالح المسلمين، كما فعله الشيخان . ۲
(فقال تعالى) في سورة الحشر : «مَا أَفَاءَ اللّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتَامى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَىْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ» . ۳
قال البيضاوي :
المراد ب «مَا أَفَاءَ اللّهُ عَلى رَسُولِهِ» ما أعاده عليه، بمعنى صيّره له، أو ردّه عليه؛ فإنّه كان حقيقاً بأن يكون له، لأنّه تعالى خلق الناس لعبادته، وخلق ما خلق لهم ليتوسّلوا به إلى طاعته، فهو جدير بأن يكون للمطيعين .
وقوله تعالى : «كَىْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ» ؛ أي الفيء الذي حقّه أن يكون للفقراء ، والدولة ما يتداوله الأغنياء، ويدور بينهم كما كان في الجاهليّة «وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ» ؛ أي وما أعطاكم من الفيء، أو من الأمر «فَخُذُوهُ» ؛ لأنّه حلال لكم، أو فتمسّكوا به؛ لأنّه واجب الطاعة .