565
البضاعة المزجاة المجلد الأول

خَطْبٍ مُعْتَبَرٌ، وَمَا كُلُّ ذِي قَلْبٍ بِلَبِيبٍ، وَلَا كُلُّ ذِي سَمْعٍ بِسَمِيعٍ، وَلَا كُلُّ ذِي نَاظِرِ عَيْنٍ بِبَصِيرٍ.
عِبَادَ اللّهِ، أَحْسِنُوا فِيمَا يَعْنِيكُمُ النَّظَرُ فِيهِ، ثُمَّ انْظُرُوا إِلى عَرَصَاتِ مَنْ قَدْ أَقَادَهُ اللّهُ بِعِلْمِهِ ۱ كَانُوا عَلى سُنَّةٍ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ أَهْلَ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ، ثُمَّ انْظُرُوا بِمَا خَتَمَ اللّهُ لَهُمْ بَعْدَ النَّضْرَةِ وَالسُّرُورِ وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَلِمَنْ صَبَرَ مِنْكُمُ الْعَاقِبَةُ ۲ فِي الْجِنَانِ ۳ وَاللّهِ مُخَلَّدُونَ، وَلِلّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ، فَيَا عَجَباً وَمَا لِي لَا أَعْجَبُ مِنْ خَطَإِ هذِهِ الْفِرَقِ عَلَى اخْتِلَافِ حُجَجِهَا فِي دِينِهَا، لَا يَقْتَفُونَ ۴ أَثَرَ نَبِيٍّ، وَلَا يَقْتَدُونَ بِعَمَلِ وَصِيٍّ، وَلَا يُؤْمِنُونَ بِغَيْبٍ، وَلَا يَعْفُونَ عَنْ عَيْبٍ؛ الْمَعْرُوفُ فِيهِمْ مَا عَرَفُوا، وَالْمُنْكَرُ عِنْدَهُمْ مَا أَنْكَرُوا، وَكُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ إِمَامُ نَفْسِهِ آخِذٌ مِنْهَا فِيمَا يَرى بِعُرًى وَثِيقَاتٍ وَأَسْبَابٍ مُحْكَمَاتٍ، فَلَا يَزَالُونَ بِجَوْرٍ، وَلَنْ يَزْدَادُوا إِلَا خَطَأً، لَا يَنَالُونَ تَقَرُّباً، وَلَنْ يَزْدَادُوا إِلَا بُعْداً مِنَ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ، أُنْسُ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ، وَتَصْدِيقُ ۵ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، كُلُّ ذلِكَ وَحْشَةً مِمَّا وَرَّثَ النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ صلى الله عليه و آله ، وَنُفُوراً مِمَّا أَدّى إِلَيْهِمْ مِنْ أَخْبَارِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَهْلُ حَسَرَاتٍ، ۶ وَكُهُوفُ ۷ شُبُهَاتٍ ۸ ، وَأَهْلُ عَشَوَاتٍ وَضَلَالَةٍ وَرِيبَةٍ، مَنْ وَكَلَهُ اللّهُ إِلى نَفْسِهِ وَرَأْيِهِ فَهُوَ مَأْمُونٌ عِنْدَ مَنْ يَجْهَلُهُ، غَيْرُ الْمُتَّهَمِ عِنْدَ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ.
فَمَا أَشْبَهَ هؤُلَاءِ بِأَنْعَامٍ قَدْ غَابَ عَنْهَا رِعَاؤُهَا، وَوَا أَسَفى مِنْ فَعَلَاتِ شِيعَتِي ۹ مِنْ بَعْدِ قُرْبِ مَوَدَّتِهَا الْيَوْمَ، كَيْفَ يَسْتَذِلُّ بَعْدِي بَعْضُهَا بَعْضاً؟ وَكَيْفَ يَقْتُلُ بَعْضُهَا بَعْضاً؟ الْمُتَشَتِّتَةِ غَداً عَنِ الْأَصْلِ النَّازِلَةِ بِالْفَرْعِ الْمُؤَمِّلَةِ الْفَتْحَ مِنْ غَيْرِ جِهَتِهِ، كُلُّ حِزْبٍ مِنْهُمْ آخِذٌ مِنْهُ بِغُصْنٍ، أَيْنَمَا مَالَ الْغُصْنُ مَالَ مَعَهُ، مَعَ أَنَّ اللّهَ ـ وَلَهُ الْحَمْدُ ـ سَيَجْمَعُ هؤُلَاءِ لِشَرِّ يَوْمٍ لِبَنِي أُمَيَّةَ، كَمَا يَجْمَعُ قَزَعَ الْخَرِيفِ، يُؤَلِّفُ اللّهُ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ يَجْعَلُهُمْ رُكَاماً كَرُكَامِ السَّحَابِ، ثُمَّ يَفْتَحُ لَهُمْ أَبْوَاباً يَسِيلُونَ مِنْ مُسْتَثَارِهِمْ ۱۰ كَسَيْلِ الْجَنَّتَيْنِ سَيْلَ الْعَرِمِ حَيْثُ بَعَثَ ۱۱ عَلَيْهِ قَارَةً، فَلَمْ يَثْبُتْ ۱۲ عَلَيْهِ أَكَمَةٌ، وَلَمْ يَرُدَّ

1.في الحاشية عن بعض النسخ: «بعمله».

2.في الحاشية عن بعض النسخ: «العافية».

3.في الحاشية عن بعض النسخ: «الجنّات».

4.في كلتا الطبعتين: «ولا يقتصّون».

5.في الحاشية عن بعض النسخ: «ويصدق».

6.في الحاشية عن بعض النسخ: «خسران».

7.في الحاشية عن بعض النسخ والطبعة الجديدة: «وكفوف». وفي الطبعة القديمة: - «كهوف».

8.في الحاشية عن بعض النسخ: «وكفر وشهوات».

9.في الحاشية عن بعض النسخ: «شيعتنا».

10.في الحاشية عن بعض النسخ وشرح المازندراني: «مستشارهم».

11.في الحاشية عن بعض النسخ: «نقب». وفي الوافي: «ثقب».

12.في الحاشية عن بعض النسخ: «تثبت».


البضاعة المزجاة المجلد الأول
564

«وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ» عن أخذه منه، أو عن إتيانه «فَانْتَهُوا» عنه، «وَاتَّقُوا اللّهَ» في مخالفة رسوله «إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ» لمن خالفه . انتهى . ۱
وقوله عليه السلام : (فينا خاصّة) متعلّق ب «قال»، أو بمقدّر؛ أي نزل فينا، أو قرّر الخمس فينا ، والظاهر أنّ قوله : (رحمة منه لنا) مفعول له لمتعلّق الجارّ، أعني قوله: «فينا» .
(وغنى أغنانا اللّه به) عطف على «رحمة»؛ أي وليُغنينا بالخمس والفيء عن الحاجة وعن أوساخ أيدي الناس .
وقال بعض الشارحين :
الرحمة قد تُطلق على الرقّة المجرّدة عن الإحسان، وعلى الرقّة المقترنة معه، وعلى الإحسان المجرّد والإفضال ؛ وهو المراد هنا ، وليس المراد بالغنى المعنى المعروف عند الناس ، بل المراد به الكفاف، وهو سهم ذي القربى من الخمس ، هذا إن جعل «رحمة» وما عطف عليه مفعولاً له لقوله : «عنى بذي القربى» ، أو لقوله : «قرننا» كما هو الظاهر . وأمّا إن جعل مفعولاً له لشديد العقاب، فالمراد به العقل والعلم والعمل والمنزلة الرفيعة التي هي كمال النفس وغناها، وهم أغنى الأغنياء بهذه المعاني، وقد أغناهم اللّه تعالى بها عن غيرهم . ۲ انتهى كلامه، فتأمّل فيه .
(ووصّى به) أي بذلك الإغناء، أو بإعطاء الفيء والخمس المفهوم من السياق ، وكلمة «ما» في قوله : (ما لقي أهل بيت) نافية ، وفي قوله : (ما لقينا) موصولة .

متن الحديث الثاني والعشرين

(خُطْبَةٌ لأمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام )

۰.أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكُوفِيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ الْمُحَمَّدِيِّ، عَنْ أَبِي رَوْحٍ فَرَجِ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ، [عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّهِ] عليه السلام ، قَالَ:«خَطَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام بِالْمَدِينَةِ، فَحَمِدَ اللّهَ، وَأَثْنى عَلَيْهِ، وَصَلّى عَلَى النَّبِيِّ وَآلِهِ، ثُمَّ قَالَ:
أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللّهَ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ لَمْ يَقْصِمْ جَبَّارِي دَهْرٍ إِلَا مِنْ بَعْدِ تَمْهِيلٍ وَرَخَاءٍ، وَلَمْ يَجْبُرْ كَسْرَ عَظْمٍ مِنَ الْأُمَمِ إِلَا بَعْدَ أَزْلٍ وَبَلَاءٍ، أَيُّهَا النَّاسُ فِي دُونِ مَا اسْتَقْبَلْتُمْ مِنْ عَطَبٍ وَاسْتَدْبَرْتُمْ مِنْ

1.تفسير البيضاوي ، ج ۵ ، ص ۳۱۹ (مع اختلاف) .

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۳۷۷ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 108434
صفحه از 630
پرینت  ارسال به