ويحتمل على بُعد أن يكون المراد بما يستقبلونه ما أمامهم من أحوال البرزخ وأهوال القيامة وعذاب الآخرة ومثوباتها، وبما استدبروه ما مضى من أيّام عمرهم وما ظهر لهم من آثار فناء الدنيا وحقارتها وقلّة بقائها . ۱
(وما كلّ ذي قلب بلبيب) .
القلب: الفؤاد، وقد يطلق على العقل . واللُّبّ، بالضمّ: العقل، وخالص كلّ شيء ، واللبيب: العاقل ؛ أي ليس كلّ ذي فؤاد أو غيره عاقل كامل العقل بحيث يدرك حقائق المعقولات ودقائقها، بل عقل أكثر الناس تابع للوهم والخيال، ومشوب المعارضات الوهميّة بحيث لا يرتقي من حضيض النقص إلى أوج الكمال .
(ولا كلّ ذي سمع بسميع ، ولا كلّ ذي ناظر عين ببصير) أي ليس كلّ من له آلة السمع يسمع الحقّ ويفهمه ويجيبه ويؤثّر فيه ويعمل به ، ولا كلّ من له آلة البصر يبصر الحقّ ويعتبر بما يرى وينتفع بما يشاهد بها.
وليس لفظ «عين» في بعض نسخ الكتاب، ولا في النهج . ۲
وقوله : (فيما يَعنيكم) أي يهمّكم وينفعكم . في القاموس: «عناه الأمرُ يَعنيه ويَعنوه عَناية وعِناية: أهمّه» . ۳
والظاهر أنّ قوله : (النظر فيه) بدل اشتمال لقوله : «فيما يعنيكم» ، ويحتمل كونه فاعلاً لقوله : «يعنيكم» بتقدير النظر قبل الظرف أيضاً ، واحتمال قراءة «يُعينكم» من الإعانة بعيدٌ .
وفي بعض النسخ: «يغنيكم» بالغين المعجمة من الإغناء ، وعلى النسختين فيه ترغيب في النظر والتأمّل فيما ينفع في أمر الدين والدنيا .
(ثمّ انظروا إلى عرصات مَنْ أقاده اللّه ) .
في القاموس: «العرصة: كلّ بقعة بين الدور واسعة ليس فيها بناء، والجمع: عراص وعرصات» ، ۴ والظاهر أنّ المراد بها هنا الأراضي والبنيان الميّتة والخربة، أو ما فيه آثارهم مطلقاً .
1.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۱۳۸ و۱۳۹ .
2.اُنظر: نهج البلاغة ، ص ۱۲۱، الخطبة۸۸ .
3.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۶۷ (عني) .
4.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۳۰۷ (عرص) .